للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَسَائِرِ التَّائِبِينَ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (أَنْ يَجْمَعَ لَهُ) أَيْ لِشَاهِدِ الزُّورِ (مِنْ عُقُوبَاتٍ إنْ لَمْ يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ) قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ (وَلَا يُعَزَّرُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ وَ) أَنَّهُ (تَعَمَّدَ ذَلِكَ إمَّا بِإِقْرَارِهِ) بِذَلِكَ (أَوْ يَشْهَدَ بِمَا يَقْطَعُ بِكَذِبِهِ) فِيهِ (مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ يَفْعَلُ فِي الشَّامِ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْعِرَاقِ أَوْ يَشْهَدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ أَوْ) يَشْهَدَ (أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ فِي يَدِ هَذَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَسِنُّهَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قُتِلَ فِي) وَقْتِ كَذَا (وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَشْبَاهُ هَذَا بِمَا يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُهُ وَيُعْلَمُ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ) وَإِلَّا لَمْ يُعَزَّرْ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.

(وَيَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا يَقْطَعُ بِكَذِبِهِ فِيهِ (أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ بَاطِلًا) لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلْوَاقِعِ (وَلَزِمَ نَقْضُهُ) لِعَدَمِ نُفُوذِهِ (فَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالًا رُدَّ إلَى صَاحِبِهِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعِي لَهُ (وَإِنْ كَانَ) الْمَحْكُومُ بِهِ (إتْلَافًا فَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ ضَمَانُهُ) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبِهِمَا (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ) زُورُ الشَّاهِدَيْنِ (بِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْ غَيْرِ مُوَافَقَةِ الْمَحْكُومِ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا مِنْهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَضَى) أَيْ تَقَدَّمَ (حُكْمُ ذَلِكَ) أَيْ حُكْمُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ آنِفًا (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (التَّعْزِيرِ) تَعْزِيرِ شَاهِدِ الزُّورِ.

(وَلَا يُعَزَّرُ) الشَّاهِدُ (بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ) لِأَنَّ التَّعَارُضَ لَا يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُ أَحَدِ الْبَيِّنَتَيْنِ بِعَيْنِهَا (وَلَا) يُعَزَّرُ (بِغَلَطِهِ فِي شَهَادَتِهِ) لِأَنَّ الْغَلَطَ قَدْ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ الْعَدْلِ وَلَا يَتَعَمَّدُهُ.

(وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ نَاطِقٍ إلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حُضُورٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِفِعْلِهَا الْمُشْتَقِّ مِنْهَا وَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنًى لَا يَحْصُلُ فِي غَيْرِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي اللِّعَانِ وَلَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا (فَإِنْ قَالَ أَعْلَمُ أَوْ أُحِقُّ أَوْ أَتَيَقَّنُ وَنَحْوَهُ) لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَعْتَمِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يُوجَدْ (أَوْ قَالَ آخَرُ) بَعْدَ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ (أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ) قَالَ مَنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ أَشْهَدُ (بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي لَمْ يُقْبَلْ) فَلَا يَحْكُمُ بِهَا (وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ وَكَذَلِكَ أَشْهَدُ قُبِلَتْ) قَالَ فِي النُّكَتِ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ أَوْلَى (وَقَالَ) أَبُو الْخَطَّابِ وَ (الشَّيْخُ وَابْنُ الْقَيِّمِ: لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا نَعْلَمُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: أَقُولُ إنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: مَتَى قُلْتَ فَقَدْ شَهِدْتَ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الْعِلْمُ شَهَادَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>