للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّرْجَمَةِ) وَتَكُونُ تِلْكَ التَّرْجَمَةُ عِبَارَةً عَنْ مَعْنَى الْقُرْآنِ، وَتَفْسِيرًا لَهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ لَا قُرْآنًا وَلَا مُعْجِزًا، كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) عَلَى هَذَا: فَإِنَّمَا (حَصَلَ الْإِنْذَارُ بِالْقُرْآنِ) أَيْ: الْمُعَبَّرُ عَنْ مَعْنَاهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ (دُونَ تِلْكَ اللُّغَةِ، كَتَرْجَمَةِ الشَّهَادَةِ) أَيْ: كَمَا لَوْ تُرْجِمَتْ الشَّهَادَةُ لِلْحَاكِمِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَقَعُ بِالشَّهَادَةِ، لَا بِالتَّرْجَمَةِ.

(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: مَنْ لَمْ يُحْسِنْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ (أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ " وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ " لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِينِي عَنْهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» الْحَدِيثَ.

وَمَنْ أَسْقَطَ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، اعْتَمَدَ عَلَى حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ رَجُلًا الصَّلَاةَ فَقَالَ: إنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ، وَكَبِّرْهُ، وَهَلِّلْهُ، ثُمَّ ارْكَعْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ: لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ إيجَابُ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ الْأَمْرُ بِالتَّسْبِيحِ، وَقَدْ أَوْجَبَهُ، أَخْذًا بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى فَكَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِجَمِيعِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ قُلْتُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَمْدَ لَمَّا كَانَ مُقَارِنًا لِلتَّسْبِيحِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى فَكَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَوْقَلَةِ فَإِسْقَاطُهَا مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ الْإِتْيَانُ بِهَا، لِلْحَدِيثِ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

تَنْبِيهٌ الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ السَّابِقَ يُجْزِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِهَا، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ لِأَنَّ هَذَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَشْبَهَ التَّيَمُّمَ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ) الْمُصَلِّي (إلَّا بَعْضَ الذِّكْرِ) الْمَذْكُورِ (كَرَّرَهُ) أَيْ: مَا يُحْسِنُهُ (بِقَدْرِ الذِّكْرِ) مُرَاعِيًا لِعَدَدِ الْحُرُوفِ وَالْجُمَلِ، عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ) الْمُصَلِّي (شَيْئًا مِنْهُ، أَيْ: مِنْ الذِّكْرِ، وَقَفَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ كَالْأَخْرَسِ) وَمَقْطُوعِ اللِّسَانِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، فَمَعَ الْقُدْرَةِ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ وَالْقِيَامُ بِقَدْرِهَا، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الْآخَرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

(وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَة

<<  <  ج: ص:  >  >>