للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمُوَفَّقُ: إنَّهُ الْأَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَذَا الْيَدَيْنِ تَكَلَّمُوا وَبَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ، فَعَلَى هَذَا: إنْ أَمْكَنَهُ اسْتِصْلَاحُ الصَّلَاةِ بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَتَكَلَّمَ فَذَكَرَ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَعَنْهُ إنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.

وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي حَالِ السَّهْوِ، فَيَخْتَصُّ بِهِ، وَيَبْقَى غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ (وَ) قَالَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ، الْمَعْرُوفُ (بِالْمُنَقِّحِ: بَلَى) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ يَسِيرًا لِمَصْلَحَتِهَا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي وَأَبُو الْحُسَيْنِ قَالَ الْمَجْدُ: وَهِيَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَالَ إبَاحَةِ الْكَلَامِ وَضَعَّفَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ حُرِّمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ، عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرِهِ (كَكَلَامِهِ فِي صُلْبِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، فَتَبْطُلُ بِهِ (وَلَوْ) كَانَ (مُكْرَهًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَمْدًا، وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ نَادِرٌ (لَا إنْ تَكَلَّمَ مَغْلُوبًا عَلَى الْكَلَامِ) بِأَنْ خَرَجَتْ الْحُرُوفُ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (مِثْلُ أَنْ سَلَّمَ سَهْوًا) فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ وَتَقَدَّمَ.

(أَوْ نَامَ فَتَكَلَّمَ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَلِعَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ وَعِتْقِهِ وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ الْجَوَابِ عَنْهُ.

(أَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ كَلِمَةٌ لَا مِنْ الْقُرْآنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.

(أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ أَوْ تَثَاؤُبٌ فَبَانَ حَرْفَانِ) فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لِمَا مَرَّ.

(وَإِنْ قَهْقَهَ) فِي الصَّلَاةِ (بَطَلَتْ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا (وَلَوْ لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ وَلِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فِيهَا مَا يُنَافِيهَا أَشْبَهَ خِطَابَ الْآدَمِيِّ.

(وَلَا) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ (إنْ تَبَسَّمَ) فِيهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.

(وَإِنْ نَفَخَ) فَبَانَ حَرْفَانِ فَكَكَلَامٍ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ نَفَخَ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ تَكَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ عَنْهُمَا وَمَا رُوِيَ مِنْ عَدَمِ الْإِبْطَالِ بِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ مِنْهُ حَرْفَانِ.

(أَوْ انْتَحَبَ) أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ (لَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>