للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمَاعَةِ، أَوْ يُقَالُ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، لِيُصَلُّوا فِي غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُقِيمَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْإِنْصَافِ (فِي غَيْرِ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَطْ) فَالْأَقْصَى كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ (وَفِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (تُكْرَهُ) إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ.

وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ فِي تَوْفِيرِ الْجَمَاعَةِ، أَيْ لِئَلَّا يَتَوَانَى النَّاسُ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الرَّاتِبِ فِي الْمَسْجِدَيْنِ إذَا أَمْكَنَهُمْ الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى قُلْت: فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ تَعَدُّدُ الْأَئِمَّةِ الرَّاتِبِينَ بِالْمَسْجِدَيْنِ، لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِمَنْ يَتَأَخَّرُ، وَفَوَاتِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَذَاهِبُ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ إذَنْ إعَادَتُهَا بِالْمَسْجِدَيْنِ لِمَا، تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا؟» وَلِأَنَّ إقَامَتَهَا إذَنْ أَخَفُّ مِنْ تَرْكِهَا (وَإِنْ قَصَدَ) مَسْجِدًا مِنْ (الْمَسَاجِدِ لِلْإِعَادَةِ، كُرِهَ) زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ كَانَ صَلَّى فَرْضَهُ وَحْدَهُ وَلِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِفَوَاتِهَا لَا لِقَصْدِ الْجَمَاعَةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ اعْتِيَادُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، وَجَعْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ فَائِتَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ.

وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ فِعْلُ ظُهْرَيْنِ فِي يَوْمٍ) قُلْت لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى اعْتِقَادِ فَرْضِيَّتِهِمَا، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُعَادَةً أَوْ فَائِتَةً فَلَا مَانِعَ وَمَنْ نَذَرَ أَنَّهُ مَتَى حَفِظَ الْقُرْآنَ صَلَّى مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً أُخْرَى، وَحَفِظَهُ، لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَهُ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.

(وَإِذَا أُقِيمَتْ) أَيْ شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي إقَامَةِ (الصَّلَاةِ) لِرِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ بِلَفْظِ إذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ (الَّتِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامِهَا) وَإِلَّا لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ لَا يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا (فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ، فَلَا يَشْرَعُ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ، وَلَا رَاتِبَةٍ) مِنْ سُنَّةِ فَجْرٍ أَوْ غَيْرِهَا (فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِبَيْتِهِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ شَرَعَ فِي نَافِلَةٍ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَأَبَاحَ قَوْمٌ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ (فَإِنْ جَهِلَ الْإِقَامَةَ فَكَجَهْلِ وَقْتِ نَهْيٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، لَكِنْ إنْ وَافَقَ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا لَمْ تَنْعَقِدْ.

(وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِيهَا) أَيْ النَّافِلَةِ (وَلَوْ) كَانَ (خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَتَمَّهَا خَفِيفَةً، وَلَوْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>