للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُلُوسِ مُسْتَقْبِلًا كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُنْصَرَفًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِانْحِرَافُ (فَإِنْ أَطَالَ) الْإِمَامُ الْجُلُوسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (انْصَرَفَ مَأْمُومٌ إذَنْ) لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ السُّنَّةَ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْإِمَامُ الْجُلُوسَ (اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا تَسْبِقُونِي بِالِانْصِرَافِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ سَهْوًا فَيَسْجُدُ لَهُ وَإِنْ انْحَرَفَ فَلَا بَأْسَ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ قِيَامُهُنَّ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَثُبُوتُ الرِّجَالِ قَلِيلًا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكْهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ) .

(وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ الْإِمَامِ مَكَانًا بِالْمَسْجِدِ، لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا فِيهِ) «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إيطَانِ الْمَكَانِ كَإِيطَانِ الْبَعِيرِ» وَفِي إسْنَادِهِ تَمِيمُ بْنُ مَحْمُودٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي إسْنَادِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ.

لَا بَأْسَ (بِهِ) أَيْ اتِّخَاذِ مَكَان لَا يُصَلِّي إلَّا فِيهِ (فِي النَّفْلِ) لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ تَحَرِّي نَقْرَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ «سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ وَقَالَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، كَإِسْمَاعِ حَدِيثٍ وَتَدْرِيسٍ، وَإِفْتَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيَتَوَجَّهُ لَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا.

(وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِينَ الْوُقُوفُ بَيْنَ السَّوَارِي إذَا قَطَعَتْ صُفُوفَهُمْ عُرْفًا) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ لِينٌ وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.

قَالَ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّفَّ قَالَ بَعْضُهُمْ فَتَكُونُ سَارِيَةٌ عَرْضُهَا مَقَامَ ثَلَاثَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يُكْرَهْ (وَلَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ) أَنْ يَقِفَ بَيْنَ السَّوَارِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ صَفٌّ يُقْطَعُ.

(وَلَوْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ) أَمَّتْ (أَكْثَرَ) مِنْ امْرَأَةٍ كَاثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَلْفَهَا مُفْرَدَةً) كَالرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَتْ عَنْ يَسَارِهَا (وَتَقَدَّمَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>