للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَصِحُّ صَلَاةُ فَرْضٍ عَلَى رَاحِلَةٍ وَاقِفَةٍ أَوْ سَائِرَةٍ خَشْيَةَ تَأَذٍّ بِوَحْلٍ وَمَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَثَلْجٍ وَبَرَدٍ لِمَا رَوَى يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى إلَى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالْبِلَّةُ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِهِمْ، يُومِئُ إيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفَعَلَهُ أَنَسٌ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ يُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، لِعُذْرٍ مِمَّا سَبَقَ (الِاسْتِقْبَالُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] .

(وَ) عَلَيْهِ (مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) مِنْ رُكُوعٍ غَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ (وَ) عَلَيْهِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (فِي شِدَّةِ خَوْفٍ كَمَا يَأْتِي) فِي صَلَاة الْخَوْفِ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ) عَنْ رَاحِلَتِهِ (وَلَا ضَرَرَ) عَلَيْهِ فِي النُّزُولِ (لَزِمَهُ) النُّزُولُ وَلَزِمَهُ (الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ) كَغَيْرِ حَالَةِ الْمَطَرِ.

(وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، إذَا كَانَ يُلَوِّثُ الثِّيَابَ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ «أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي مَسْجِدِهِ فِي الْمَدِينَةِ.

(وَلَا تَصِحُّ) صَلَاةُ الْفَرْضِ (عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ (لِمَرَضٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ ضَرَرُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ (لَكِنْ إنْ خَافَ هُوَ) أَيْ الْمَرِيضُ (أَوْ) خَافَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَرِيضُ (بِنُزُولِهِ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ، أَوْ عَجْزًا عَنْ رُكُوبِهِ) إنْ نَزَلَ (صَلَّى عَلَيْهَا) دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (كَخَائِفٍ بِنُزُولِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ) كَسَبْعٍ.

قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ تَصِحُّ صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشْيَةَ الِانْقِطَاعِ عَنْ الرُّفْقَةِ، أَوْ حُصُولِ ضَرَرٍ بِالْمَشْيِ، أَوْ تَبَرُّزِ الْحُفْرَةِ.

(وَمَنْ أَتَى بِالْمَأْمُورِ) أَيْ بِجَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ (مِنْ كُلِّ رُكْنٍ وَنَحْوِهِ) وَهُوَ الشُّرُوطُ وَالْوَاجِبَاتُ (لِلصَّلَاةِ وَصَلَّى عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) صَلَّى (فِي سَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا) كَمِحَفَّةٍ (وَلَوْ جَمَاعَةً مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَاقِفَةً) كَانَتْ (أَوْ سَائِرَةً صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا.

(وَلَا تَصِحَّ) صَلَاةُ الْفَرْضِ (فِيهَا) أَيْ فِي السَّفِينَةِ (مِنْ قَاعِدٍ مَعَ الْقُدْرَةِ) أَيْ قُدْرَتِهِ (عَلَى الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رُكْنِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِسَفِينَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَأَنْ يَدُورَ إلَى الْقِبْلَةَ كُلَّمَا انْحَرَفَتْ السَّفِينَةُ، وَتُقَامُ الْجَمَاعَةُ فِي السَّفِينَةِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ، كَمَعَ الْقُدْرَةِ.

(وَكَذَا) أَيْ كَالسَّفِينَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ (عَجَلَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>