للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ بِالْجُمُعَةِ (فِي طَرِيقِهِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ مَا إذَا سَافَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَهُ أَمَّا إذَا كَانَ يَأْتِي بِهَا فِي طَرِيقِهِ، فَلَا كَرَاهَةَ لِانْتِفَاءِ الْمُوجِبِ.

[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) (أَحَدُهَا: الْوَقْتُ) لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فَاشْتُرِطَ لَهَا كَبَقِيَّةِ الْمَفْرُوضَاتِ (فَلَا تَصِحُّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوَقْتِ.

(وَلَا بَعْدَهُ) إجْمَاعًا (وَأَوَّلُهُ) أَيْ أَوَّلِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ (أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ نَصًّا) لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ السُّلَمِيِّ قَالَ " شَهِدْت الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْتهَا مَعَ عُمَرَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ: قَدْ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتهَا مَعَ عُثْمَانَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ: قَدْ زَالَ النَّهَارُ فَمَا رَأَيْت أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدٍ وَمُعَاوِيَةَ " أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ، أَشْبَهَتْ الْعِيدَيْنِ (وَتُفْعَلُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَبْلَ الزَّوَالِ (جَوَازًا أَوْ رُخْصَةً وَتَجِبُ بِالزَّوَالِ) ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبَ.

(وَفِعْلُهَا بَعْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ (أَفْضَلُ) لِمَا رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَذْهَبُ إلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَآخِرُهُ) أَيْ آخِرِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ (آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ وَلِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْهَا، أَوْ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَهَا.

فَوَجَبَ الْإِلْحَاقُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُشَابَهَةِ (فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا) أَيْ الشُّرُوعِ فِيهَا (امْتَنَعَتْ الْجُمُعَةُ وَصَلَّوْا ظُهْرًا) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (وَإِنْ خَرَجَ) وَقْتُ الْجُمُعَةِ (وَقَدْ صَلَّوْا) مِنْهَا (رَكْعَةً أَتَمُّوهَا جُمُعَةً) لِأَنَّ الْوَقْتَ إذَا فَاتَ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِدْرَاكُهُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي الِاسْتِدَامَةِ لِلْعُذْرِ، كَالْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ.

(وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ) أَنْ يُصَلُّوا (رَكْعَةً بَعْدَ التَّحْرِيمَةِ اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا) لِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَلَمْ تُبْنَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَالظُّهْرِ وَالصُّبْحِ وَعُلِمَ مِنْهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>