للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (بِمُضِيِّ الْحَوْلِ) عَلَى النِّصَابِ فِي مِلْكِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ التَّامِّ الْمِلْكِ (وَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ) لِمَفْهُومِ (" لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ") فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَوْلِ مُطْلَقًا وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْفَقِيرِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ لَمْ يَنْعَقِدْ الْحَوْلُ الثَّانِي، حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَنْعَقِدُ عَقِبَ الْأَوَّلِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ، كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ وَالْعَاجِزِ عَنْ أَدَائِهِ.

(لَكِنْ لَوْ كَانَ النِّصَابُ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ) أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ ضَالًّا وَنَحْوَهُ (لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ، حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فَإِمْكَانُ الْأَدَاءِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاج لَا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ.

(وَلَوْ أُتْلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ إخْرَاجِهَا (ضَمِنَهَا) لِاسْتِقْرَارِهَا بِمُضِيِّ الْحَوْلِ (وَلَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ) لِأَنَّهَا عَيْنٌ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَسْلِيمِهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا فَضَمِنَهَا بِتَلَفِهَا فِي يَدِهِ كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ، وَكَدَيْنِ الْآدَمِيِّ فَلَا يُعْتَبَرُ بَقَاءُ الْمَالِ (إلَّا الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ، إذَا تَلِفَ بِجَائِحَةٍ قَبْلَ حَصَادٍ وَجُذَاذٍ) أَوْ بَعْدِهِمَا قَبْلَ وَضْعٍ فِي جَرِينٍ وَنَحْوِهِ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَيَأْتِي) فِي بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ.

(وَ) إلَّا (مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْيَدِ، كَالدُّيُونِ) إذَا سَقَطَتْ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا إسْقَاطٍ فَتَسْقُطُ زَكَاتُهَا (وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ) آنِفًا.

وَكَذَا لَا يَضْمَنُ زَكَاةَ دَيْنِهِ إذَا مَاتَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا (وَدُيُونُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْر غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَدَيْنِ حَجٍّ سَوَاءً) لِعُمُومِ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (فَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ دُيُونِ اللَّهِ (زَكَاةٌ أَوْ غَيْرُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا لَمْ تَسْقُطْ) لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ (وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (فَيُخْرِجُهَا وَارِثٌ) لِقِيَامِهِ مُقَامَ مُوَرِّثِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْوَارِثُ (صَغِيرًا فَوَلِيُّهُ) يُخْرِجُهَا لِقِيَامِهِ مُقَامُهُ ثُمَّ الْحَاكِمُ وَسَوَاء وَصَّى بِهَا أَوْ لَا، كَالْعَشْرِ (فَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى (دَيْنُ آدَمِيٍّ) بِلَا رَهْنٍ.

(وَضَاقَ مَالُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (اقْتَسَمُوا) التَّرِكَةَ (بِالْحِصَصِ) كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ إذَا ضَاقَ عَنْهَا الْمَالُ (إلَّا إذَا كَانَ بِهِ) أَيْ: دَيْنِ الْآدَمِيِّ (رَهْنٌ فَيُقَدِّم) الْآدَمِيُّ بِدَيْنِهِ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ فِي الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا (وَتُقَدَّمُ أُضْحِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الدَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ سَوَاءً كَانَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>