للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا: يُزَكِّيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِمِثْلِ بَذْرِهِ وَعَوَّضَ لَوَاحِقَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ إذَنْ.

(وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (الْحَصَادَ وَالْجُذَاذَ لَيْلًا) لِحَدِيثِ الْحُسَيْنِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْجُذَاذِ بِاللَّيْلِ وَالْحَصَادِ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

(وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي كُلِّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (فَالْخَرَاجُ فِي رَقَبَتِهَا) مُطْلَقًا وَالْعُشْرُ (فِي غَلَّتِهَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ التَّمْكِينُ مِنْ النَّفْعِ لِوُجُوبِهِ وَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ وَسَبَبُ الْعُشْرِ: الزَّرْعُ كَأُجْرَةِ الْمَتْجَرِ مَعَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ لِمُسْتَحَقِّينَ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ «لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ الْجِزْيَةُ وَلَوْ كَانَ عُقُوبَةً لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالْجِزْيَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ إحْدَاهَا (مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ.

(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صُولِحُوا) أَيْ أَهْلُهَا (عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ) الَّذِي يَضْرِبُهُ عَلَيْهَا الْإِمَامُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيَانِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ.

(وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ (الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ) وَهِيَ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ الْأُولَى (الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ (وَنَحْوِهَا) كَجُوَاثَى مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ.

(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ كَالْبَصْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: بُنِيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ بَعْدَ وَقْفِ السَّوَادِ وَلِهَذَا دَخَلَتْ فِي حَدِّهِ دُونَ حُكْمِهِ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صَالَحَ أَهْلَهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عَلَيْهَا كَالْيَمَنِ وَ) الرَّابِعَةُ (مَا أَقْطَعَهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) مِنْ السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: وَالْأَرْضُونَ الَّتِي يَمْلِكُهَا أَرْبَابُهَا لَيْسَ فِيهَا خَرَاجٌ مِثْلُ هَذِهِ الْقَطَائِعِ الَّتِي أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ فِي السَّوَادِ لِسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابٍ.

قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَقْطَعْهُمْ مَنَافِعَهَا وَخَرَاجَهَا وَلِلْإِمَامِ إسْقَاطُ الْخَرَاجِ عَلَى وَجْهِ

الْمَصْلَحَةِ

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْأَرْضَ بَلْ أَقَطَعُوا الْمَنْفَعَةَ وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>