للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُطْرِ) أَيْ النَّاحِيَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا (نِيَابَةً شَامِلَةً لِقَبْضِ الزَّكَوَاتِ وَغَيْرِهَا، سَقَطَ سَهْمُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُمَا يَأْخُذَانِ كِفَايَتَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالنِّيَابَةِ) فَلَا يَأْخُذَانِ مِنْ الزَّكَاةِ لِاسْتِغْنَائِهِمَا بِأَرْزَاقِهِمَا (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ.

(وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لِوَكِيلِهِ فِي تَفْرِقَتِهَا أَخْذُ نَصِيبِ الْعَامِلِ لِكَوْنِهِ فَعَلَ وَظِيفَةَ الْعَامِلِ) عَلَى الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَأْخُذُ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَامِلًا.

(وَمَنْ فِيهِ سَبَبَانِ كَغَارِمٍ فَقِيرٍ أَخَذَ بِهِمَا) كَالْمِيرَاثِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى عَنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَغَيْرِهِ) قُلْتُ: مَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ أَحْكَامُهُمَا، كَفَقِيرٍ مُؤَلَّفٍ، جَازَ أَنْ يُعْطَى بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا.

(وَإِنْ أُعْطَى بِهِمَا) أَيْ بِالسَّبَبَيْنِ (وَعَيَّنَ لِكُلِّ سَبَبٍ قَدْرًا) فَعَلَى مَا عَيَّنَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِكُلِّ سَبَبٍ قَدْرًا (كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.

(وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ) مَا ذُكِرَ مِنْ تَعْيِينِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرًا أَوْ قَسْمِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ عَدَمِهِ (لَوْ وُجِدَ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ) كَمَا لَوْ أُبْرِئَ الْغَارِمُ فِي الْمِثَالِ فَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ لِلْغُرْمِ دُونَ الْفَقْرِ.

(وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (إلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَدَقَتُكَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

(وَيُفَرِّقُهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (فِيهِمْ) أَيْ فِي أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ (عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ) لِأَنَّهَا مُرَاعَاةٌ (وَلَوْ أَحْضَرَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ مِنْ أَهْلِهِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِيَدْفَعَ إلَيْهِمْ زَكَاتَهُ دَفَعَهَا) الْعَامِلُ لَهُمْ (قَبْلَ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) إنْ جَاءَ بِأَهْلِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا فَ (هُمْ كَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا هُمْ بِهِ أَخَصُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي.

(وَيُجْزِئُ السَّيِّدَ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي جَرَيَانِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّ الدَّفْعَ تَمْلِيكٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِذَا رَدَّهَا إلَى سَيِّدِهِ بِحُكْمِ الْوَفَاءِ جَازَ كَوَفَاءِ الْغَرِيمِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ حِيلَةً.

(وَ) يَجُوزُ أَيْضًا دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى غَرِيمِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَارِمِينَ (لِيَقْضِيَ) بِهَا (دَيْنَهُ سَوَاءٌ دَفَعَهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً) قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (أَوْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَيْهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَ الْمُقْرِضِ مَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةً نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ إنْ كَانَ حِيلَةً فَلَا يُعْجِبُنِي وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ لَمْ يَصْلُحْ، وَلَا يَجُوزُ.

(وَقَالَ أَيْضًا: إنْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: مَعْنَى الْحِيلَةِ، أَنْ يُعْطِيَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا تَمْلِيكًا صَحِيحًا فَإِذَا شَرَطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>