للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَافَتَا الضَّرَرَ عَلَى (وَلَدَيْهِمَا أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ) ؛ لِأَنَّ خَوْفَهُمَا خَوْفٌ عَلَى آدَمِيٍّ، أَشْبَهَ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا.

(وَكُرِهَ صَوْمُهُمَا) كَالْمَرِيضِ، (وَيُجْزِئُ) صَوْمُهُمَا (إنْ فَعَلَتَا) أَيْ: صَامَتَا كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، (وَإِنْ أَفْطَرَتَا قَضَتَا) مَا أَفْطَرَتَاهُ كَالْمَرِيضِ (وَلَا إطْعَامَ) عَلَى أَحَدٍ (إنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا كَمَرِيضٍ) يَضُرُّهُ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يَقْضِي مِنْ غَيْرِ إطْعَامٍ.

(بَلْ إنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فَقَطْ (أَطْعَمَتَا مَعَ الْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ فِطْرٌ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ فَوَجَبَ بِهِ الْكَفَّارَةُ كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ.

(وَهُوَ) أَيْ: الْإِطْعَامُ (عَلَى مَنْ يُمَوِّنُ الْوَلَدَ) ؛ لِأَنَّ الْإِرْفَاقَ لِلْوَلَدِ وَيَجِبُ الْإِطْعَامُ (عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ، وَكَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ.

وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِهِ مَعَ الْقَضَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا (وَإِنْ قَبِلَ وَلَدُ الْمُرْضِعَةِ ثَدْيَ غَيْرِهَا وَقَدِرَتْ تَسْتَأْجِرُ لَهُ أَوْ لَهَا) مِنْ الْمَالِ (مَا يُسْتَأْجَرُ مِنْهُ فَعَلَتْ) أَيْ: اسْتَأْجَرَتْ لَهُ (وَلَمْ تُفْطِرْ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَلَهُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً) لِظَاهِرِ الْآيَةِ.

(وَحُكْمُ الظِّئْرِ) أَيْ: الْمُرْضِعَةُ لِوَلَدِ غَيْرِهَا (كَمُرْضِعٍ) لِوَلَدِهَا (فِيمَا تَقَدَّمَ) مِنْ الْفِطْرِ وَعَدَمِهِ، وَالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا، (فَإِنْ لَمْ تُفْطِرْ) الظِّئْرُ (فَتَغَيَّرَ لَبَنُهَا) بِالصَّوْمِ (أَوْ نَقَصَ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ) بَيْنَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا، (وَإنْ قَصَدَتْ) الظِّئْرُ (الْإِضْرَارَ) بِالرَّضِيعِ بِصَوْمِهَا (أَثِمَتْ وَكَانَ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهَا بِالْفِطْرِ بِطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ) ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَأَذَّى الصَّبِيُّ بِنَقْصِهِ أَوْ تَغْيِيرِهِ لَزِمَهَا الْفِطْرُ، فَإِنْ أَبَتْ فَلِأَهْلِهِ الْفَسْخُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إلْزَامُهَا بِمَا يَلْزَمُهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ الضَّرَرَ، بِلَا طَلَبٍ قُبِلَ الْفَسْخُ وَهَذَا مُتَّجَهٌ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ بِالْعَجْزِ) كَالدَّيْنِ.

(وَكَذَا) الْإِطْعَامُ (عَنْ الْكَبِيرِ، و) الْمَرِيضِ (الْمَيْئُوسِ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ.

(وَلَا) يَسْقُطُ (إطْعَامُ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ (و) لَا إطْعَامَ (غَيْرِهِ) مِمَّا وَجَبَ بِنَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِالْعَجْزِ (غَيْرَ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ) فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>