للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْمَ شَهْرٍ) بِعَيْنِهِ (كَالْمُحَرَّمِ) فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ لَمْ يُصَمْ (عَنْهُ) وَلَمْ يُقْضَ عَنْهُ، (وَكَذَا لَوْ جُنَّ قَبْلَهُ) وَدَامَ بِهِ الْجُنُونُ حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ صَوْمُهُ فِي ذِمَّتِهِ.

(قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ (سَقَطَ بَاقِيهِ) لِمَا سَبَقَ، (فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ) أَيْ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ (لِمَرَضٍ حَتَّى انْقَضَى ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فُعِلَ عَنْهُ) وُجُوبًا إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَاسْتِحْبَابًا إنْ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الصَّوْمِ فِي الذِّمَّةِ، فَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لَهُ (وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الصَّوْمِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مَنْذُورًا (أَوْ الْإِطْعَامَ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمُ مُتْعَةٍ وَنَحْوُهُ.

(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ) أَيْ: النَّاذِرِ (مِنْ الْحَجِّ فِي حَيَاتِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُلُهُ حَالَ الْحَيَاةِ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ كَنَذْرِ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ، (وَكَذَا الْعُمْرَةُ الْمَنْذُورَةُ) حُكْمُهَا حُكْمُ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي الْمَعْنَى.

(وَيَجُوزُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) لِشَبَهِهِ بِالدَّيْنِ فِي إبْرَاءِ الذِّمَّةِ (وَلَهُ) أَيْ: الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ بِمَا أَنْفَقَ) بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبٍ.

(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ) ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَة لِقَوْلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: «إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْضِهِ عَنْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ وَكَالصَّوْمِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حَتَّى مَاتَ) كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ (فَكَالصَّوْمِ) ، وَكَذَا إنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ) وَمَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ (فُعِلَتْ عَنْهُ) كَالصَّوْمِ وَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا (وَلَا كَفَّارَةَ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْفِعْلِ النَّاذِرِ (وَطَوَافٌ مَنْذُورٌ كَصَلَاةٍ) مَنْذُورَةٍ فِيمَا سَبَقَ (وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا تُفْعَلُ عَنْهُ) ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إجْمَاعًا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَنْهُ فَائِتَةً (كَقَضَاءِ رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>