للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ) عَلَى الْقَوْلِ (الثَّانِي) لِمَوْتِهِ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ (دُونَ) الْقَوْلِ (الْأَوَّلِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ.

(وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ) لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ فَرَّطَ) فِي الْحَجِّ بِأَنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) كَالتَّأْخِيرِ لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِحَبْسٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةً وَعُمْرَةً وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّيِّ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ أَكُنْت قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ وَلِهَذَا كَانَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ فَوَجَبَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ أَوْ إيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ.

(وَيَكُونُ) الِاحْتِجَاجُ عَنْهُ (مِنْ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ) لَا مِنْ حَيْثُ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ، (وَيَجُوزُ) أَنْ يُسْتَنَابَ عَنْهُ (مِنْ أَقْرَبِ وَطَنَيْهِ) لِتَخَيُّرِ الْمَنُوبِ عَنْهُ لَوْ كَانَ حَيًّا.

(وَ) يَجُوزُ (مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) ؛؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَ (لَا) يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنَابَ عَنْهُ مِمَّا (فَوْقَهَا) أَيْ: فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُجْزِئُهُ) حَجُّ مَنْ اُسْتُنِيبَ عَنْهُ مِمَّا فَوْقَ الْمَسَافَةِ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ.

(وَيَسْقُطُ) الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ (بِحَجِّ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ وَلَوْ بِلَا إذْنِ) وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ عَنْ حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ كَدَفْعِ زَكَاةٍ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

(وَإِنْ مَاتَ هُوَ) أَيْ: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَاسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) مَاتَ (نَائِبُهُ فِي الطَّرِيقِ حُجَّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَاتَ) هُوَ أَوْ نَائِبُهُ (فِيمَا بَقِيَ مَسَافَةً وَقَوْلًا وَفِعْلًا) لِفِعْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بَعْضَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ السَّعْيُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ وَطَنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنُوبَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى الْحَجِّ.

(وَإِنْ صُدَّ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ نَائِبُهُ، (فُعِلَ) عَنْهُ (مَا بَقِيَ) مَسَافَةً وَقَوْلًا وَفِعْلًا لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ وَصَّى بِحَجِّ نَفْلٍ وَأَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحَلَّ الِاسْتِنَابَةِ (جَازَ) أَنْ يُحَجُّ عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: مِيقَاتِ بَلَدِ الْمُوصِي نَصَّ عَلَيْهِ (مَا لَمْ تَمْنَعْ مِنْهُ قَرِينَةٌ) بِأَنْ يُوصِيَ أَنْ يُحَجَّ بِقَدْرٍ يَكْفِي لِلنَّفَقَةِ مِنْ بَلَدِهِ فَيَتَعَيَّنُ مِنْهَا كَالْوَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ ثُلُثُهُ بِالْحَجِّ مِنْ مَحَلِّ وَصِيَّتِهِ حَجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ أَوْ يُعَانُ بِهِ فِي الْحَجِّ نَصَّ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الْحَجِّ مِنْ بَلَدِهِ بِأَنْ لَمْ يُخَلِّفْ مَالًا يَفِي بِهِ (أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أُخِذَ لِلْحَجِّ بِحِصَّتِهِ وَحُجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ نَصًّا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالدَّيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>