للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ سَأَلَ اللَّهَ مَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ» (وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ.

(وَ) يُسَنُّ عَقِبَهَا (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَشُرِعَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالصَّلَاةِ أَوْ فَشُرِعَ فِيهِ ذِكْرُ رَسُولِهِ كَالْأَذَانِ (وَلَا يَرْفَعُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَقِبَ التَّلْبِيَةِ (صَوْتَهُ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ.

(وَصِفَةُ التَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ التَّلْبِيَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا لَزِمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ وَكَرَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ التَّثْنِيَةِ وَإِنَّمَا هُوَ التَّكْثِيرُ كَحَنَانَيْكَ وَالْحَنَانُ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ مَعْنَى: التَّلْبِيَةِ إجَابَةُ دَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ حِين نَادَى بِالْحَجِّ وَقِيلَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَسْرُ هَمْزَةِ " إنَّ " أَوْلَى عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ عَنْ آخَرِينَ قَالَ ثَعْلَبٌ مَنْ كَسَرَ فَقَدْ عَمَّ يَعْنِي فَقَدْ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ خَصَّ أَيْ: لَبَّيْكَ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ (وَلَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) .

؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَ تَلْبِيَتَهُ فَكَرَّرَهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا (وَلَا يُكْرَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُلَبِّي تَلْبِيَةَ الرَّسُولِ وَيَزِيدُ مَعَ هَذَا " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْكَ وَالْعَمَلُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَزَادَ عُمَرُ " لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا وَمَرْهُوبًا إلَيْكَ لَبَّيْكَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَرُوِيَ أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَزِيدُ " لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا " (وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) قَالَهُ أَحْمَدُ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ لَهُ الْأَثْرَمُ: مَا شَيْءٌ تَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ يُلَبُّونَ دُبُرَ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا؟ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءُوا بِهِ قُلْت: أَلَيْسَ يُجْزِئُهُ مَرَّةٌ؟ قَالَ: بَلَى؛ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ (وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: تَكْرَارُهَا ثَلَاثًا فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ حَسَنٌ) فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ.

(وَلَا تُشْرَعُ) التَّلْبِيَةُ (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِقَادِرٍ) عَلَى التَّلْبِيَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فَلَمْ تُشْرَعْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ كَالْأَذَانِ وَالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْعَرَبِيَّةِ لَبَّى (بِلُغَتِهِ) كَالتَّكْبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>