للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَجَلِ الدَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَانَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ اسْتَدْرَكَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ قَيَّدَ جَوَازَ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ دُونَ الْقَرْضِ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ مَعًا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ النَّظْمِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَلَا بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ قُرِنَ " أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ إذَا لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ مَقْرُونًا بِعُقْدَةِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ؛ بِأَنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَنَائِبُ قُرِنَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ ضَمِيرُ الرَّهْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ الشَّارِحِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّ لَهُ بَيْعَ الرَّهْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ الْعَدْلِ إنْ كَانَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ جَازَ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ.

(قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ) : وَذَلِكَ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُبَاعُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ بِيعَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَمْ يُرَدَّ.

(ثُمَّ قَالَ) : وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: " وَلَوْ طَاعَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِأَنْ رَهَنَهُ رَهْنًا، وَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ شَرْطُ تَوْكِيلِ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي عَصْرِنَا اهـ (وَحَاصِلُهُ) أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا. وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: " وَلَا بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ قُرِنَ ". وَمَفْهُومُهُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ الْمُؤَيَّدُ بِكَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ هُوَ أَقْرَبُ لِعِبَارَةِ النَّاظِمِ حَيْثُ عَيَّنَ وَقْتَ الْجُعْلِ بِقَوْلِهِ

مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ وَلَمْ يَحِنْ

إلَخْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) : (الْأَوَّلُ) مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَابْنُ مَرْزُوقٍ: لَكِنْ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ مَنْعَهُ؛ لِأَنَّهُ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ.

(وَالثَّانِي) مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا عِبْرَةَ بِهِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ " وَلَا يَسْتَقِلُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِإِذْنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ " (التَّوْضِيحُ) قَوْلُهُ " وَلَا يَسْتَقِلُّ بَلْ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُطَالِبَ الرَّاهِنَ أَوْ يُكَلِّفَهُ الْبَيْعَ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ اهـ.

الثَّالِثُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ: فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ، لِمَنْ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ عَدْلٍ: إنْ لَمْ آتِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَأَنْتَ مُسَلَّطٌ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَفَذَ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ هُنَا لِلْأَمِينِ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْبَيْعَ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ أَتَى أَوْ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، فَلِذَلِكَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَظَرِ السُّلْطَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ إذْنًا مُطْلَقًا. وَعَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ عَوَّلَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ الْحَاصِلِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمِينِ وَالْحَاصِلِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ حَيْثُ قَالَ: وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ إنْ لِمَ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ وَإِلَّا مَضَى فِيهِمَا.

(فَرْعٌ) إذْنُ الرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ هُوَ تَوْكِيلٌ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ، فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِالْوَكَالَةِ.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) : لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حَقًّا لِلطَّالِبِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ مُطَالَعَةَ سُلْطَانٍ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ إثْبَاتَهَا اهـ.

وَجَازَ رَهْنُ الْعَيْنِ حَيْثُ يُطْبَعُ ... عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ يُوضَعُ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْعَيْنِ ذَهَبًا كَانَ أَوْ فِضَّةً إذَا طُبِعَ عَلَيْهِ أَوْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ لِأَنَّهُ حَيْثُ لِمَ يُطْبَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>