للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ وَلَا جُعِلَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ يُتَّهَمُ الْمُرْتَهِنُ بِسَلَفِهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ أَوْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ امْتَنَعَ مُطْلَقًا.

(وَقَالَ أَشْهَبُ) : إنْ كَانَ نَقْدًا لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ.

(التَّوْضِيحُ) : يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ كَالْحَيَوَانِ وَالْكِتَابِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : وَالْحُلِيِّ جَازَ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ أَوْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ (الْمَازِرِيُّ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ قَصَدَا أَنْ يُقْبَضَ عَلَى جِهَةِ السَّلَفِ، وَيُسَمِّيَا ذَلِكَ الْقَبْضَ رَهْنًا. وَاشْتِرَاطُ السَّلَفِ فِي الْمُدَايَنَةِ وَالْمُبَايَعَةِ مَمْنُوعٌ، وَالتَّطَوُّعُ بِهِ كَهِبَةِ مِدْيَانٍ وَقَوْلُهُ " مُطْلَقًا " أَيْ كَانَ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا.

(وَقَالَ أَشْهَبُ) : إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي النَّقْدِ. وَهَكَذَا نَقَلَ (الْمَازِرِيُّ) وَلَفْظُهُ: " وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَثْمَانِ الَّتِي هِيَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالْفُلُوسُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا إلْحَاقُ ذَلِكَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. " وَقَدْ أَجَازَ أَشْهَبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِمَّنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا مُسْتَخَفٌّ، وَيَبْعُدُ اسْتِخْفَافُ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) ظَاهِرُ اقْتِصَارِ الشَّيْخِ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْنِ دُونَ الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ (أَشْهَبَ) فِي الْمَجْمُوعَةِ دُونَ مَا تَقَدَّمَ (لِابْنِ الْقَاسِمِ) فِي إلْحَاقِهِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِالْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَالرَّهْنُ لِلْمُشَاعِ مَعَ مَنْ رَهَنَا ... قَبْضُ جَمِيعِهِ لَهُ تَعَيَّنَا

وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ يَكْفِيهِ أَنْ ... يَحُلَّ فِيهِ كَحُلُولِ مَنْ رَهَنْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ قَبْضِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ جُزْءًا مُشَاعًا أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ عَامٌّ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُرْتَهَنِ بَعْضِهِ كَنِصْفِ دَارٍ أَوْ رُبْعِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَإِنَّ النِّصْفَ مَثَلًا لَا يَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ مِنْهَا دُونَ آخَرَ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا هَكَذَا الرُّبْعُ وَالثُّمُنُ، وَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ الْمُشَاعَةِ لَا تَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ دُونَ آخَرَ.

فَمَنْ رَهَنَ جُزْءًا كَرُبْعٍ مَثَلًا فَإِنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ الْجُزْءِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلرَّاهِنِ أَيْضًا كَمَالِكِ دَارٍ رَهَنَ نِصْفَهَا مَثَلًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ كَمَنْ يَمْلِكُ نِصْفَ دَارٍ فَرَهَنَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلرَّاهِنِ وَلِغَيْرِهِ مَعًا كَمَنْ يَمْلِكُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دَارٍ فَرَهَنَ نِصْفَهَا فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ فِيهِ إلَّا بِحَوْزِ جَمِيعِ الدَّارِ مَثَلًا، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَيَكْفِي فِي حَوْزِهِ حَوْزُ النِّصْفِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ " الْبَيْتَ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَوْزِ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ إذْ بِحَوْزِهَا يَحِلُّ مَحَلَّ الرَّاهِنِ، وَيَصْدُقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ " وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ. " إلَخْ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَبِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلِغَيْرِ الرَّاهِنِ مَعًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ.

وَالْمَقْصُودُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا رَفْعُ يَدِ الرَّاهِنِ وَعَدَمُ جَوَلَانِهَا فِي الرَّهْنِ (قَالَ ابْنُ يُونُسَ) : قَالَ (مَالِكٌ) : وَلَا بَأْسَ بِرَهْنِ جُزْءٍ مُشَاعٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ وَقَبْضِهِ - إنْ كَانَ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَغَيْرِهِ - أَنْ يَحُوزَ الْمُرْتَهِنُ حِصَّةَ الرَّاهِنِ وَيُكْرِيهِ وَيُوَلِّيهِ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ كَرَبِّهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ، وَالْحَوْزُ فِي ارْتِهَانِ مَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ جَمِيعَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ قَبْضُ جَمِيعِهِ.

(قَالَ ابْنُ يُونُسَ) : وَاخْتُلِفَ فِي الدَّارِ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَهَا أَوْ تَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَقِيلَ: تَكُونُ بِيَدِ الرَّاهِنِ مَعَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيُكْرِيَانِ جَمِيعًا، وَيَصِحُّ الْحَوْزُ أَوْ يَضَعَانِهَا جَمِيعًا عَلَى غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدِهِ هُوَ الْقَيِّمُ بِهِ مِثْلُ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ. (قَالَ الشَّارِحُ) إطْلَاقُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَبْعٍ وَلَا يَنْقَسِمُ يَقْتَضِي أَنَّهُ اعْتَمَدَ قَوْلَ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ (ابْنُ عَرَفَةَ) فِي الْكَلَامِ عَلَى رَهْنِ الْمُشَاعِ وَهُوَ فِيمَا بَاقِيهِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ رَبْعًا أَوْ مُنْقَسِمًا لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ. وَوَقْفِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ (لِابْنِ الْقَاسِمِ) (وَأَشْهَبَ) قَائِلًا لِأَنَّ رَهْنَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهِ نَاجِزًا اهـ وَكَذَلِكَ إطْلَاقُهُ فِي حَوْزِ الْمُشَاعِ بِحُلُولِ الْمُرْتَهِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>