للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضَامِنُ الْوَجْهِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَا ... دَعْوَى امْرِئٍ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَحْضُرَا

مِنْ بَعْدِ تَأْجِيلٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي ... بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ فِيمَا يَدَّعِي

وَقِيلَ إنْ لَمْ يُلْفِ مَنْ يَضْمَنُهُ ... لِلْخَصْمِ لَازِمْهُ وَلَا يَسْجُنُهُ

وَأَشْهَبُ بِضَامِنِ الْوَجْهِ قَضَى ... عَلَيْهِ حَتْمًا وَبِقَوْلِهِ الْقَضَا

لَمَّا ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ هَذَا حُكْمَ مَنْ ادَّعَى دَعْوَى وَقَامَ لَهُ بِهَا شَاهِدٌ ذَكَرَ هُنَا حُكْمَ مَنْ ادَّعَى دَعْوَى وَلَا مُصَدِّقَ لَهُ مِنْ شَاهِدٍ وَلَا غَيْرِهِ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي أَجَلًا لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ حَمِيلٍ بِالْوَجْهِ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَجِدَهُ الْمُدَّعِي إذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ.

وَلِذَلِكَ قَالَ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَحْضُرَ أَيْ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَضْمَنُهُ فَيَقُولُ لِلْمُدَّعِي لَازِمْهُ وَلَا يَسْجُنُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(قَالَ أَشْهَبُ) : " لَا بُدَّ مِنْ ضَامِنِ الْوَجْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ سُجِنَ " وَالْقَضَاءُ بِقَوْلِهِ. وَإِنَّمَا يُسْجَنُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَلَيْسَ فِي النَّظْمِ مَا يُشْعِرُ بِحَلِفِهِ. هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ مَعَ طُولِ عِبَارَتِهَا. فَقَوْلُهُ (وَضَامِنُ الْوَجْهِ) مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ، وَ (عَلَى مَنْ أَنْكَرَا) خَبَرَهُ أَيْ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ، (وَخَشْيَةَ) مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَ (مِنْ بَعْدِ) يَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ وَفَاعِلُ (اسْتَحَقَّ) لِلْمُدَّعِي أَيْ يُؤَجَّلُ الْمُدَّعِي بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ التَّأْجِيلِ مِمَّا يَسَعُهُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ

وَقِيلَ إنْ لَمْ يُلْفِ مَنْ يَضْمَنُهُ

أَيْ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ الَّذِي كَنَّى عَنْهُ بِالْخَصْمِ فَلِلْخَصْمِ يَتَعَلَّقُ بِقِيلِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَضْمَنُ وَجْهَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (لَازِمْهُ) هَذَا هُوَ الْمَحْكِيُّ بِالْقَوْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَبْرَأُ الْحَمِيلُ لِلْوَجْهِ مَتَى ... أَحْضَرَ مَضْمُونًا لِخَصْمٍ مَيِّتَا

يَعْنِي أَنَّ الْحَمِيلَ بِالْوَجْهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَغْرَمَ الْمَالَ يَبْرَأُ مِنْ الْحَمَالَةِ بِإِحْضَارِ الْمَضْمُونِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ سَوَاءٌ أَحْضَرَهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ:) " وَالْحَمَالَةُ بِالْوَجْهِ تَسْقُطُ عَنْ الْحَمِيلِ بِإِحْضَارِ الْمَضْمُونِ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَاضِرَ الْبَلَدِ مَسْجُونًا كَانَ سِجْنُهُ ذَلِكَ فِي حَقٍّ أَوْ تَعَدِّيًا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَمَوْتِهِ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ بِالسِّجْنِ ". وَمِنْ (الْمُقَرَّبِ) فِي الْحَمَالَةِ بِالْوَجْهِ: " وَإِنْ مَاتَ الْغَرِيمُ بَرِئَ الْحَمِيلُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحَمَّلَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ ذَهَبَتْ نَفْسُهُ ". اهـ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ (أَحْضَرَ) أَنَّهُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ مَوْتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>