للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَكِيلُ.

وَذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَقُرْبِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ، أَمَّا إنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ مِثْلَ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ يَحْلِفُ وَيُبَرَّأُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ جِدًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَكِيلِ يَمِينٌ وَكَانَ بَرِيئًا وَلَمْ يَضُرَّهُ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ إلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ وَالدَّفْعُ وَإِنْ كَانَ إلَيْهِ، إنَّمَا الْبَرَاءَةُ عَلَى الَّذِي وَكَّلَهُ، وَالدَّفْعُ كَأَنَّهُ إلَيْهِ حِينَ ثَبَتَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَأَنَّهُ فِي كُلِّ مَا قَبَضَ أَوْ دَفَعَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ جَحَدَ بِمَنْزِلَتِهِ كَنَفْسِهِ فَلَا إشْهَادَ وَلَا بَرَاءَةَ عَلَى الْوُكَلَاءِ بِدَفْعِ مَا دَفَعُوا إلَى الَّذِينَ وَكَّلُوهُمْ بِمَا قَبَضُوا لَهُمْ وَجَرْيِ أَيْدِيهِمْ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ ادَّعَى، (وَإِقْبَاضٌ) مَصْدَرُ أَقْبَضَ أُضِيفَ لِلْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَنْ، (وَمَا حَازَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَفَاعِلُ حَازَ لِلْوَكِيلِ.

وَجُمْلَةُ (فَهُوَ مُؤْتَمَنْ) جَوَابُ إنْ، (وَمَعَ) يَتَعَلَّقُ بِمُؤْتَمَنٍ، وَجُمْلَةُ (تُقْتَضَى) صِفَةٌ لِيَمِينٍ (وَالْإِنْكَارُ) اسْمٌ (بِالْفَوْرِ) خَبَرُهَا، وَجُمْلَةُ (فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَكَّلَهُ) جَوَابُ إنْ يَكُنْ (وَمَعْ حَلْفٍ) حَالٌ لِلْقَوْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقِيلَ إنَّ الْقَوْلَ لِلْوَكِيلِ ... مَعَ الْيَمِينِ دُونَ مَا تَفْصِيلِ

هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ، وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَعِ فَالْأَوْلَى لِلنَّاظِمِ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ الَّذِي بَدَأَ بِهِ (ابْنُ يُونُسَ) . قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَوْ الْمَخْصُوصِ أَوْ الزَّوْجِ: يُوَكَّلُونَ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ قَبَضُوهُ وَدَفَعُوهُ إلَى مَنْ وَكَّلَهُمْ أَنَّهُمْ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ كَالْمُودَعِ يَقُولُ رَدَدْتُ الْوَدِيعَةَ وَيُنْكِرُهَا. وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ (ابْنُ عَرَفَةَ) . وَفِيهَا وَالْوَكِيلُ مَبِيعٌ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ ثَمَنِهِ لِلْآمِرِ.

وَقِيلَ إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ حِينِ ... فَهْوَ مُصَدَّقٌ بِلَا يَمِينِ

وَإِنْ يَمُرَّ الزَّمَنُ الْقَلِيلُ ... فَمَعْ يَمِينٍ قَوْلُهُ مَقْبُولُ

وَقِيلَ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُفَوَّضِ ... إلَيْهِ ذَا الْحُكْمُ لِفَرْقٍ مُقْتَضِ

وَمَنْ لَهُ وَكَالَةٌ مُعَيَّنَهْ ... يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَهْ

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ. فَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِلَا يَمِينٍ وَعَنْ طُولِهِ عَبَّرَ بِالْحِينِ وَالْحِينُ يُطْلَقُ عَلَى السَّنَةِ وقَوْله تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] . وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ السَّنَةُ وَنَحْوُهَا وَبَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ. وَبَقِيَ مِنْ التَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حُكْمُ مَا إذَا قَامَ بِالْفَوْرِ وَلَعَلَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا لِلْوَكِيلِ وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ مَنْ شَرَحَهُ. فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْإِنْكَارُ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ بِقُرْبِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ صَدَقَ الْوَكِيلُ مِنْ يَمِينِهِ وَبِهَذَا يَفْتَرِقُ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ إنْ أُقِيمَ فِيهِ بِالْفَوْرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) : إنَّ هَذَا الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ الَّتِي عَيَّنَ فِيهَا الْآمِرُ الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّدِّ لِلْمُوَكِّلِ، وَقَوْلُهُ (لِفَرْقٍ مُقْتَضِ) ، (قَالَ الشَّارِحُ) : هُوَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - ظُهُورُ الْوُثُوقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِأَمَانَةِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ دُونَ ظُهُورِ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ (ابْنُ عَرَفَةَ) . وَفِيهَا " وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعٍ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ ثَمَنِهِ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ " (ابْن رُشْدٍ) " فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ مَعَ حَلِفِهِ أَنَّهُ دَفَعَ لِمُوَكِّلِهِ مَا أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ مِنْ مَبِيعٍ أَوْ غَرِيمٍ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ إنْ طَالَ لَمْ يَحْلِفْ "، ثَالِثُهَا: إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ بِيَسِيرِ الْأَيَّامِ أَحْلَفَهُ وَإِنْ طَالَ لَمْ يَحْلِفْ، وَرَابِعُهَا: الْوَكِيلُ عَلَى مُعَيَّنٍ غَارِمٌ مُطْلَقًا وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ يَحْلِفُ فِي الْقُرْبِ لَا فِي الْبُعْدِ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَهَا وَرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ اهـ فَقَوْلُهُ (ذَا الْحُكْمُ) ذَا اسْمُ إشَارَةٍ فَاعِلٌ بِ يَخْتَصُّ، وَالْحُكْمُ نَعْتٌ لَهُ، وَ (بِالْمُفَوَّضِ) يَتَعَلَّقُ بِ يَخْتَصُّ، وَكَذَا الْفَرْقُ وَقَوْلُهُ (وَمَنْ لَهُ وَكَالَةٌ مُعَيَّنَهْ) الْبَيْتَ. هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ (يَخْتَصُّ بِالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ) .

وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>