للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّعِي الْعَارِيَّةِ إنْ كَانَ غَيْرَ أَبٍ كَأُمٍّ، أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ وَلِي لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ لَا لِلْبِكْرِ وَلَا لِغَيْرِهَا وَإِلَى هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَفِي سِوَى الْبِكْرِ وَمِنْ غَيْرِ أَبٍ

الْبَيْتَ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يُضْمَنُ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَمَا لَا يُضْمَنُ مِنْهَا فَقَالَ

وَلَا ضَمَانَ فِي سِوَى مَا أُتْلِفَتْ

يَعْنِي إذَا صَحَّتْ الْعَارِيَّةُ فَوَجَدَ الْمُعَارَ تَالِفًا كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا تَلِفَ إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إذَا عَلِمَتْ بِالْعَارِيَّةِ وَكَانَتْ رَشِيدَةً.

أَمَّا الْجَاهِلَةُ بِالْعَارِيَّةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَلَوْ رَشِيدَةً، وَكَذَا الْعَالِمَةُ بِهَا وَهِيَ مَحْجُورَةٌ، فَلَا غُرْمُ عَلَيْهَا أَيْضًا (قَالَ فِي مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا ادَّعَى الْأَبُ بَعْضَ مَا جَهَّزَ بِهِ الْبِكْرَ بَعْدَ دُخُولِ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَهُ وَإِنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ فِيمَا سَاقَتْ إلَى زَوْجِهَا وَفَاءً بِمَا أَعْطَاهَا سِوَى هَذَا الَّذِي يَدَّعِيه الْأَبُ وَسَوَاءٌ عُرِفَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَقَرَّتْ بِهِ الِابْنَةُ، أَوْ أَنْكَرَتْهُ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُ ذَلِكَ جِدًّا وَلَيْسَتْ السَّنَةُ طُولًا وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا لِلْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ لِأَنَّ مَا لَهَا فِي يَدِهِ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ، وَأَمَّا الِابْنَةُ الثَّيِّبُ، فَلَا لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لِلْأَبِ فِي مَالِهَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي يَدِهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ خَاصَّةً كَذَلِكَ أَوْضَحَ لِي مَنْ كَاشَفْت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَانْظُرْ إذَا كَانَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى الشُّورَةِ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ بِيَدِ ابْنَتِي، ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهَا فَلَهُ ذَلِكَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْإِشْهَادِ إذَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهَا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَكَانَتْ بِكْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَإِنَّ عَلِمَتْ بِالْعَارِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَلَاكُهُ بَعْدَ أَنْ رَشِدَتْ فَتَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهَا بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ثَيِّبًا يَوْمَ أَخْرَجَهَا وَعَلِمَتْ ضَمِنَتْ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ لَمْ تَضْمَنْ اهـ (قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) هَذِهِ الْأَبْيَاتُ السِّتَّةُ مِنْ الْأَبْيَاتِ الْجَامِعَةِ، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَبْقَ مِمَّا نُقِلَ مِنْ مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ شَيْءٌ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا عَدَا عَدَمَ ضَمَانِ الرَّشِيدَةِ مَا قَامَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا خَاصَّةً اهـ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

ِ

وَإِنْ مَتَاعَ الْبَيْتِ فِيهِ اُخْتُلِفَا ... وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَتُقْتَفَى

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِ ... فِيمَا بِهِ يَلِيقُ كَالسِّكِّينِ

وَمَا يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ كَالْحُلِيِّ ... فَهْوَ لِزَوْجَةٍ إذَا مَا تَأْتَلِي

وَإِنْ يَكُنْ لَاقَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ... مِثْلَ الرَّقِيقِ حَلَفَا وَاقْتَسَمَا

وَمَالِكٌ بِذَاكَ لِلزَّوْجِ قَضَى ... مَعَ الْيَمِينِ وَبِقَوْلِهِ الْقَضَا

وَهُوَ لِمَنْ يَحْلِفُ مَعَ نُكُولِ ... صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ مَا تَفْصِيل

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَأَثَاثِهِ وَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ فَمَا كَانَ مِنْهُ يَلِيقُ بِالرَّجُلِ كَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالْفَرَسِ وَالْكِتَابِ فَيُحْكَمُ بِهِ لِلرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَمَا يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ كَالْحُلِيِّ وَمَا لَا يَلْبَسُهُ الرِّجَالُ فَيُحْكَمُ بِهِ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا مَا لَمْ تَقُمْ لَهَا أَيْضًا بَيِّنَةٌ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَتُقْتَفَى

وَمَا يَلِيق بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ الَّتِي يَلْبَسُهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ لِلزَّوْجِ أَيْضًا بَعْدَ يَمِينِهِ

وَبِهَذَا الْقَوْلِ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ السَّادِسِ إلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَقُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْآخِرُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْحَالِفِ لِأَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعِي كَالشَّاهِدِ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا تَفْصِيل وَالْيَمِينُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>