للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَتَانِ بَعْدَ الْخُلْعِ عَلَى أَنَّهَا خَالَعَتْهُ لِأَجَلِ الضَّرَرِ حَلَفَتْ وَرَدَّ مَا أَعْطَتْهُ اهـ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَرُدَّ الْمَالُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ

وَحَيْثُمَا الزَّوْجَةُ تُثْبِتُ الضَّرَرْ ... وَلَمْ يَكُنْ لَهَا بِهِ شَرْطٌ صَدَرْ

قِيلَ لَهَا الطَّلَاقُ كَالْمُلْتَزَمِ ... وَقِيلَ بَعْدَ رَفْعِهِ لِلْحَكَمِ

وَيَزْجُرَ الْقَاضِي بِمَا يَشَاؤُهُ ... وَبِالطَّلَاقِ إنْ يَعُدْ قَضَاؤُهُ

تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ

وَمَا يُنَافِي الْعَقْدَ لَيْسَ يُجْعَلُ

شَرْطًا الْبَيْتَ إنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا لَا يُنَاقِضُ الْعَقْدَ بَلْ يَقْتَضِيه وَمِنْ مَثَلِهِ شَرْطُ أَنْ لَا يَضْرِبَهَا وَوُجُودُ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ ذُكِرَ، أَوْ تُرِكَ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ اشْتِرَاطِهِ فِيمَا إذَا أَثْبَتَتْ الضَّرَرَ فَإِنْ كَانَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ فَلَهَا تَطْلِيقُ نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَكَمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ النَّاظِمُ لِهَذَا وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَفِي افْتِقَارِ تَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا لِلرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ قَوْلَانِ:

قِيلَ لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَتْهُ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا وَقِيلَ لَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَعَلَى ذَلِكَ أَعْنِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا نَبَّهَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَزْجُرَهُ ابْتِدَاءً بِمَا يَقْتَضِيه اجْتِهَادُهُ مِنْ تَوْبِيخٍ، أَوْ سِجْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ عَادَ لِمُضَارَّتِهَا قَضَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَعَنْ ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ فَقَوْلُهُ وَيَزْجُرَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلًا عُطِفْ

أَيْ قِيلَ إنَّمَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بَعْدَ الرَّفْعِ وَالزَّجْرِ مَعًا فَإِنْ عَادَ لِإِضْرَارِهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ) بَعْدَ وَثِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ بِالضَّرَرِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْعَقْدُ وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ الْأَخْذُ بِشَرْطِهَا بَعْد الْإِعْذَارِ لِلزَّوْجِ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَرْطٌ فَقِيلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَاَلَّتِي لَهَا شَرْطٌ وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَرْفَعُ أَمْرهَا إلَى السُّلْطَانِ فَيَزْجُرُهُ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرَرُهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ اهـ.

وَاسْتَشْكَلَ الشَّارِحُ هَذَا الْقَوْلَ بِفَوَاتِ الْإِعْذَارِ لِلزَّوْجِ وَافْتِيَاتِ الزَّوْجَةِ بِالطَّلَاقِ وَقَدْ سُئِلَ الْقَاضِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْقَبَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ إذَا أَثْبَتَتْ الضَّرَرَ غَيْرُ ذَاتِ الشَّرْطِ وَعَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ الْمَدْفَعِ وَهَجَمَتْ الزَّوْجَةُ فَأَوْقَعَتْ الطَّلَاقَ هَلْ يَنْفُذُ وَتَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا وَفِي جَوَابِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لَهَا تَطْلِيقَ نَفْسِهَا مَعَ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ جَعَلَهُ لَهَا مَعَ الشَّرْطِ فَالطَّلَاقُ، وَكَذَا مَعَ عَدَمِهِ إذَا جُعِلَ لَهَا تَطْلِيقٌ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهَا وَهَجَمَتْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ جَعْلِ الْقَاضِي ذَلِكَ بِيَدِهِ فَهَذَا مَحِلُّ النَّظَرِ اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ إنْ شِئْت وَنَقَلَ هَذَا السُّؤَالَ وَجَوَابَهُ سَيِّدِي أَحْمَد الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي آخِرِ تَأْلِيفِهِ الْمُسَمَّى بِالْفَائِقِ فِي أَحْكَامِ الْوَثَائِقِ وَهُوَ الْفَرْعُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْمِائَتَانِ اهـ.

وَإِنْ ثُبُوتُ ضَرَرٍ تَعَذَّرَ ... لِزَوْجَةٍ وَرَفْعُهَا تَكَرَّرَا

فَالْحَكَمَانِ بَعْدُ يُبْعَثَانِ ... بَيْنَهُمَا بِمُقْتَضَى الْقُرْآنِ

إنْ وُجِدَا عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا ... وَالْبَعْثُ مِنْ غَيْرِهِمْ إنْ عُدِمَا

وَمَا بِهِ قَدْ حَكَمَا يَمْضِي وَلَا ... إعْذَارَ لِلزَّوْجَيْنِ فِيمَا فَعَلَا

يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا يَضْرِبُهَا وَتَكَرَّرَ رَفْعُ شَكَوَاهَا بِهِ لِلْقَاضِي وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا إثْبَاتُ ذَلِكَ الضَّرَرِ.

فَإِنَّ الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي لَهُمَا حَكَمَيْنِ عَدْلَيْنِ حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا أَنَّ وُجِدَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدَا فَمِنْ غَيْرِ أَهْلِهِمَا فَيَخْتَبِرَانِ أَمْرَهُمَا وَيَدْعُوَانِهِمَا لِلصُّلْحِ فَإِنْ رَجَعَا إلَيْهِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِخُلْعٍ، أَوْ بِغَيْرِ خُلْعٍ، أَوْ ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا كُلُّ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُمَا وَأَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُمَا وَمَا حَكَمَ بِهِ الْحَكَمَانِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ مَاضٍ وَلَا إعْذَارَ فِيهِ لِلزَّوْجَيْنِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] الْآيَة (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَإِذَا نَشَزَتْ وَعَظَهَا، ثُمَّ هَجَرَهَا، ثُمَّ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ لَمْ يَجُزْ ضَرْبُهَا أَصْلًا فَإِنْ كَانَ الْعُدْوَانُ مِنْهُ زُجِرَ عَنْهُ (التَّوْضِيحُ) أَيْ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>