للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرَيْنِ مَسِيرَةً (وَقَالَ سَحْنُونٌ) الْأَكْثَرُ أَنَّ الْوَعْدَ كَافٍ إلَى أَنْ يُمْكِنَهُمْ الْوَطْءُ، فَإِنْ لَمْ يَطَئُوا طَلَّقَ عَلَيْهِمْ اهـ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ

وَعَادِمٌ لِلْوَطْءِ لِلنِّسَاءِ ... لَيْسَ لَهُ كَالشَّيْخِ مِنْ إيلَاءِ

يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْوَطْءِ كَالشَّيْخِ الْعَاجِزِ عَنْ الْجِمَاعِ لَا إيلَاءَ لَهُ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) : قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ أَيُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؟ قَالَ: لَا، وَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ عَلَى مَنْ يَسْتَطِيعُ الْفَيْئَةَ بِالْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ الَّذِي لَا يَطَأُ وَمِثْلُهُمَا الَّذِي يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يُقْطَعُ ذَكَرُهُ فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَوْقِيفٌ اهـ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَدِّ شُرُوطِ الْمُولِي أَنْ يَكُونَ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَصِحُّ إيلَاءُ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ (التَّوْضِيح) لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ مَنْفَعَةً فِيمَا آلَى عَنْهُ مِنْ الْمُضَاجَعَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلِذَلِكَ تَزَوَّجَتْهُ، فَإِذَا قَطَعَ عَنْهَا ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تُوَقِّفَهُ. قَالَ: وَأَمَّا إذَا أَقْعَدَهُ الْكِبَرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَحَرُّكٌ فَيَقْطَعُهُ عَنْهَا اهـ.

وَأَجَلُ الْمُولِي شُهُورٌ أَرْبَعَهْ ... وَاشْتَرَكَ التَّارِكُ لِلْوَطْءِ مَعَهُ

فِي ذَاكَ حَيْثُ التَّرْكُ قَصَدٌ لِلضَّرَرْ ... مِنْ بَعْدِ زَجْرِ حَاكِمٍ وَمَا ازْدَجَرْ

بَعْدَ تَلَوُّمٍ وَفِي الظِّهَارِ ... لِمَنْ أَبَى التَّكْفِيرَ ذَاكَ جَارِ

وَأَجَلُ الْمُظَاهِرِ الْمَأْثُورُ ... مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ

مِنْ بَعْدِ أَنْ يُؤْمَرَ بِالتَّكْفِيرِ ... وَهْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ لَا التَّخْيِيرِ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى خَمْسِ مَسَائِلَ: (الْأُولَى) أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُولِي فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ فَهَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: " وَتَأْجِيلٌ وَجَبَ لَهُ إلَى فَيْئَتِهِ لِمَا اجْتَنَبْ " وَهَذَا لِلْحُرِّ، أَمَّا لِلْعَبْدِ فَأَجَلُ إيلَائِهِ شَهْرَانِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ.

(الثَّانِيَةُ) مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ بَلْ لِقَصْدِ الضَّرَرُ بِالزَّوْجَةِ فَتَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ فَيَزْجُرُهُ عَنْ فِعْلِهِ فَإِذَا لَمْ يَنْزَجِرْ تُلُوِّمَ لَهُ ثَمَّ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَاشْتَرَكَ التَّارِكُ لِلْوَطْءِ مَعَهُ " أَيْ مَعَ الْمُولِي فِي ذَلِكَ هُوَ التَّأْجِيلُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: " وَيَلْحَقُ بِالْمُولِي مَنْ مَنَعَ مِنْهَا الشَّكَّ وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ " إلَخْ فَذَهَبَ النَّاظِمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَأَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمُولِي وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجْلُ وَلَكِنْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا إيلَاءٍ لَمْ يُتْرَكْ إمَّا وَطِئَ أَوْ طَلَّقَ يُرِيدُ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ بِمِقْدَارِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَوْ أَكْثَرَ اهـ.

(الثَّالِثَةُ) الْمُظَاهِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَجَلِهِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَفِي الظِّهَارِ لِمَنْ أَبَى التَّكْفِيرَ ذَاكَ جَارِ " وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ لِلتَّأْجِيلِ (وَمِنْ الْمُقَرِّبِ) قُلْتُ: هَلْ يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَى الظِّهَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ فَلَمْ يُكَفِّرْ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ وَقَفَ فَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ وَإِمَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ إذَا طَلَبَتْ زَوْجَتُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي تَرْكِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا مُضَارٌّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

(الرَّابِعَةُ) اُخْتُلِفَ فِي ابْتِدَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ لِلْمُظَاهِرِ هَلْ هُوَ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهَا لِلْحَاكِمِ؟ وَهُوَ لِمَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى مَا قَالَ النَّاظِمُ، أَوْ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ؟ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْبَرَاذِعِيُّ وَغَيْرُهُ (الْمُدَوَّنَة) ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ تَبَيُّنِ ضَرَرِهِ وَقِيلَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ حَكَى هَذِهِ الثَّلَاثَةَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ قَالَ: وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَامْتَنَعَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ أَوْ كَالثَّانِي وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَوْ مِنْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ أَقْوَالٌ. (الْخَامِسَةُ) أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ لَا عَلَى التَّخْيِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى.

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>