للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَبْدَأُ الزَّوْجُ بِالِالْتِعَانِ ... لِدَفْعِ أَرْبَعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ

إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا عَلَى مَا وَجَبَا ... مُخَمِّسًا بِلَعْنَةٍ إنْ كَذَبَا

وَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ بَعْدُ أَرْبَعَا ... لِتَدْرَأَ الْحَدَّ بِنَفْيِ مَا ادَّعَى

تَخْمِيسُهَا بِغَضَبٍ إنْ صَدَقَا ... ثُمَّ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ افْتَرَقَا

وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَنْتَفِي الْوَلَدْ ... وَيَحْرُمُ الْعَوْدُ إلَى طُولِ الْأَبَدْ

وَالْفَسْخُ مِنْ بَعْدِ اللِّعَانِ مَاضِي ... دُونَ طَلَاقٍ وَبِحُكْمِ الْقَاضِي

تَعَرَّضَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ لِصِفَةِ اللِّعَانِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بِاللِّعَانِ (قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ) وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ بِاللِّعَانِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعَادُ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَادُ (التَّوْضِيحَ) لَا خِلَافَ أَنَّ الرَّجُلَ يَبْدَأُ بِاللِّعَانِ وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُوَيْمِرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلَ فِي الْبَيَانِ مَنْشَأَ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ وَاجِبٌ أَمْ لَا؟ . اهـ

وَقَوْلُهُ: " لِدَفْعِ حَدٍّ " أَشَارَ بِهِ إلَى بَعْضِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اللِّعَانِ وَهُوَ سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْ الرَّجُلِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً، وَدَفْعُ الْأَدَبِ عَنْهُ إنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى اللِّعَانِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ ثَلَاثَةٌ عَلَى لِعَانِهَا فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَوُجُوبُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا وَقَطْعُ النَّسَبِ، وَالثَّلَاثَةُ الْأُخَرُ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهَا وَالْفِرَاقُ وَتَأْبِيدُ الْحُرْمَةِ، وَقِيلَ فِي الْأَخِيرَيْنِ إنَّهُمَا مُرَتَّبَانِ عَلَى لِعَانِهِ.

وَقَوْلُهُ: " أَرْبَعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا عَلَى مَا وَجَبَا " - الْبَيْتَ - هُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ لِعَانِ الزَّوْجِ، فَقَوْلُهُ أَرْبَعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ كَأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الِالْتِعَانِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: " أَشْهَدُ بِاَللَّهِ " وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَزِيدُ: الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي. وَقِيلَ: وَيَصِفُ كَالشُّهُودِ، وَقِيلَ: وَيَكْفِي لَزَنَتْ.

وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ: لَزَنَتْ، أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، وَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ اهـ (قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) : يَحْلِفُ الزَّوْجُ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ قَائِمًا يَقُولُ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَزَنَتْ فُلَانَةُ هَذِهِ - فَيُشِيرُ إلَيْهَا - وَمَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي أَوْ مَا حَمْلُهَا هَذَا مِنِّي. وَإِنْ لَمْ يَنْفِ حَمْلًا قَالَ: زَنَتْ فُلَانَةُ هَذِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا.

وَقَالَ قَوْمٌ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ثُمَّ يُخَمِّس بِاللَّعْنِ ثُمَّ تُخَوَّفُ الْمَرْأَةُ بِاَللَّهِ فَإِنْ تَمَادَتْ عَلَى الْيَمِينِ حَلَفَتْ أَرْبَعَ أَيْمَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَمَا زَنَيْتُ وَأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ وَتَخْمِيسٌ بِالْغَضَبِ، تَقُولُ: غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ، أَوْ عَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ. اهـ

وَقَوْلُهُ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَقَوْلِهِ: لَزَنَتْ، أَوْ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي. وَالنَّفْيُ كَقَوْلِهِ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي.

قَوْلُهُ " وَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ بَعْدُ أَرْبَعًا " هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ لِعَانِهَا (ابْن الْحَاجِبِ) وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي - إنْ كَانَ قَالَ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي - أَوْ مَا زَنَيْتُ، أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِي الْجَمِيعِ. وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ: مَا زَنَيْتُ، وَإِنَّهُ لَمِنْهُ.

وَفِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ. وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ بَعْدَهَا (التَّوْضِيحَ) يَعْنِي يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: " أَشْهَدُ " وَلَا يُجْزِئُ " أَحْلِفُ " وَلَا: أُقْسِمُ " عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيَتَعَيَّنُ اللَّعْنُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْغَضَبُ فِي حَقِّهَا وَهَكَذَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: إنَّ النَّظَرَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُجْزِئَ إذَا أَبْدَلَ اللَّعْنَةَ بِالْغَضَبِ فِي حَقِّهَا وَبِالْعَكْسِ.

ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَ اخْتِصَاصِ خَامِسَةِ الرَّجُلِ بِاللَّعْنَةِ وَخَامِسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>