للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَزَعَمَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ فِيهِ وَتَبَيَّنَ كَذِبُهَا فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ انْقِضَاءَهَا كَانَ بِسَبَبِ سَقْطٍ أَسْقَطَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَوْ بِقُرْبٍ مِنْ الطَّلَاق، وَعَلَى تَصْدِيقِهَا وَلَوْ بِالْقُرْبِ. نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " أَبَدًا " وَالْإِشَارَة بِذَلِكَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

وَقَوْلُهُ " تُبِينُ " بِضَمِّ التَّاءِ مُضَارِعُ أَبَانَ، وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ الْيَمِينِ، أَيْ أَنَّ يَمِينَهَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تُبِينُ عِصْمَتَهَا وَتُخْرِجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ، (قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ:) فَإِنْ أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا وَقَالَتْ: " قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي " كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا إذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ مَا يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ارْتِجَاعُهَا. (وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَفِي مَقَالَاتِ ابْنِ مُغِيثٍ مَعَ يَمِينِهَا. (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ أَيْضًا) وَإِنْ اسْتَبَانَ كَذِبُهَا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ رَاجَعَهَا عَلَى مَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ.

(وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : وَإِنْ قَالَتْ: " قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِسُقُطٍ " قُبِلَ قَوْلُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِيَوْمٍ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ الْجِيرَانِ لَهَا اهـ. وَمَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ حَلِفِ الْمَرْأَةِ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ مُغِيثٍ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَقَالَ: إنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ.

وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ قَالَ: وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَن، وَلَعَلَّ الشَّيْخَ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ بِيَمِينِهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَقِلَّةِ الْأَمَانِ.

وَلَا يُطَلِّقُ الْعَبِيدَ السَّيِّدُ ... إلَّا الصَّغِيرَ مَعَ شَيْءٍ يُرْفَدُ

وَكَيْفَمَا شَاءَ الْكَبِيرُ طَلَّقَا ... وَمُنْتَهَاهُ طَلْقَتَانِ مُطْلَقَا

لَكِنَّ فِي الرَّجْعِيِّ الْأَمْرَ بِيَدِهْ ... دُونَ رِضَا وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهْ

يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ لَا بِيَدِ سَيِّدِهِ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَةَ عَبْدِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا عَقَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ شَيْئًا يُرْفَدُ بِهِ أَيْ يُعَانُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهُ: " الْعَبِيدَ " مَنْصُوبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِض أَيْ عَلَى الْعَبِيدِ ".

وَالسَّيِّدُ " فَاعِلُ " يُطَلِّقُ " " وَالصَّغِيرَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: " الْعَبِيدَ " أَيْ إلَّا الْعَبْدَ الصَّغِيرَ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ بِالْخُلْعِ. وَقَوْلُهُ

وَكَيْفَمَا شَاءَ الْكَبِيرُ طَلَّقَا

الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْكَبِيرَ يُطَلِّقُ كَيْفَمَا شَاءَ بِخُلْعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، إلَّا أَنَّ مُنْتَهَى طَلَاقِهِ طَلْقَتَانِ سَوَاءٌ أَوْقَعَهُمَا مَعًا فِي حَالَةِ رِقِّهِ أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فِي رِقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ فَلَا تَبْقَى لَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ.

وَأَمَّا إنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى عَتَقَ فَهُوَ كَالْحُرِّ بِالْأَصَالَةِ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَيْسَ لَهُ إلَّا طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَعَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: " لَكِنَّ فِي الرَّجْعِيِّ " الْبَيْت إلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنَّ أَمْرَ الرَّجْعَةِ بِيَدِهِ إنْ شَاءَ رَاجَعَ أَوْ تَرَكَ، فَإِنْ رَاجَعَ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا لِإِذْنِ وَلِيِّهَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الَّتِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهَا مَا زَالَتْ بِيَدِهِ وَلَيْسَتْ رَجْعَتُهَا ابْتِدَاءَ نِكَاحٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَلِيِّهَا. (قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) : وَظَاهِرُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت لَهُ: أَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى عَبْدٍ امْرَأَتَهُ؟ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ فَزَوَّجَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ فَيَكُونُ خُلْعًا.

(وَفِي النَّوَادِرِ) وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُبَارِئَ عَنْ عَبْدِهِ وَقَدْ نَكَحَ بِإِذْنِهِ حَتَّى يَرْضَى الْعَبْدُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَيُزَوِّجُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ كَالْيَتِيمِ الصَّغِيرِ.

(قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : وَاتَّفَقُوا فِي الْعَبْدِ أَنَّ طَلَاقَهُ طَلْقَتَانِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَطَلَاقُ الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ طَلَاقِ الْحُرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>