للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً فِي حِينِ رِقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ بَقِيَتْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.

(وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ) : وَجَمِيعُ طَلَاقِ الْعَبْدِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ حَدَّ الْأَرِقَّاءِ نِصْفَ حَدِّ الْأَحْرَارِ، وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ مِنْ مَعَانِي الْحُدُودِ. (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) وَكَذَلِكَ يَرْتَجِعُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا إذْنِ سَيِّدِ زَوْجَتِهِ اهـ

وَالْحُكْمُ فِي الْعَبِيدِ كَالْأَحْرَارِ ... فِي غَايَةِ الزَّوْجَاتِ فِي الْمُخْتَارِ

يَعْنِي أَنَّ الْعَبِيدَ كَالْأَحْرَارِ فِي غَايَةِ الزَّوْجَاتِ، كَمَا أَنَّ غَايَتَهَا لِلْحُرِّ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فِيهِ كَذَلِكَ غَايَتُهَا لِلْعَبْدِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُخْتَارِ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ إلَّا اثْنَتَيْنِ.

(قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ الْعَبْدُ كَمْ يَتَزَوَّجُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا. قُلْت لَهُ: إنْ شَاءَ إمَاءً وَإِنْ شَاءَ حَرَائِرَ؟ قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ. (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت، وَقَالَ رَبِيعَةُ قَالَهُ عَنْهُ أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ لَهُ حُرَّتَانِ وَمَمْلُوكَتَانِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ. وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ فِي نِكَاحِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ: إنَّا لَنَقُولُ ذَلِكَ وَمَا نَدْرِي مَا هُوَ. ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ اقْتِصَارَهُ عَلَى اثْنَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالزَّائِدُ عَلَى أَرْبَعٍ مُمْتَنِعٌ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الثَّالِثَةُ لِلْعَبْدِ كَالْخَامِسَةِ لِلْحُرِّ. (التَّوْضِيحَ) لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي تَحْرِيمِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لِحَدِيثِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ فِي إبَاحَةِ الْأَرْبَعِ لِلْعَبْدِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] وَقَاسَ ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ عَلَى طَلَاقِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافَ الْأُصُولِيِّينَ فِي دُخُولِ الْعَبِيدِ تَحْتَ الْخِطَابِ وَعَدَمِ دُخُولِهِمْ اهـ.

وَمِنْ الذَّخِيرَةِ (تَمْهِيدٌ) لِلْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ أَرْبَعُ حَالَاتٍ التَّشْطِيرُ كَالْحُدُودِ، وَالْمُسَاوَاةُ كَالْعِبَادَاتِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ، وَأَجَلِ الْإِيلَاءِ، وَالْعُنَّةِ، وَالْمَفْقُودِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، فَعَلَى النِّصْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَقِيلَ بِالْمُسَاوَاةِ، وَسَقَطَ عَنْهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرِّ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ اهـ

وَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِالْعُنَّةِ الِاعْتِرَاضَ.

وَيَتْبَعُ الْأَوْلَادُ فِي اسْتِرْقَاقِ ... لِلْأُمِّ لَا لِلْأَبِ فِي الْإِطْلَاقِ

وَكُسْوَةٌ لِحُرَّةٍ وَالنَّفَقَهْ ... عَلَيْهِ وَالْخُلْفُ بِغَيْرِ الْمُعْتَقَهْ

وَلَيْسَ لَازِمًا لَهُ أَنْ يُنْفِقَا ... عَلَى بَنِيهِ أَعْبُدًا أَوْ عَتَقَا

يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَادَ يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ مَمْلُوكَةً فَهُمْ أَرِقَّاءٌ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ قِنًّا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذَا إنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: " لِلْأُمِّ " وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ أَقْرَبُ أَنْ يَرْجِعَ لِقَوْلِهِ: " لَا لِلْأَبِ " أَيْ لَا يَتْبَعُونَ أَبَاهُمْ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ إذَا كَانُوا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَأَبُوهُمْ حُرٌّ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَلَا يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ فَهِيَ وَإِنْ دَاخَلَتْهَا شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ بِالْحَمْلِ مَنْ سَيِّدِهَا الْحَرِّ لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ فَلَهُ حُكْمُ الرَّقِيقِ الْخَالِصِ.

فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَأَوْلَادُهُ مَعَهَا تَابِعُونَ لَهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنْ كَانُوا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَأَبُوهُمْ عَبْدٌ فَهْم أَرِقَّاءٌ، كَمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَادَهَا فَأَوْلَادُهَا أَرِقَّاءٌ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْحُرُّ أَمَةً وَأَوْلَادُهَا مَعَهَا أَحْرَارٌ غَيْرُ تَابِعِينَ لِأُمِّهِمْ. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَوْلَادَ إنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ مَمْلُوكَةً لِأَبِيهِمْ فَهُمْ تَابِعُونَ لِأَبِيهِمْ.

وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ زَوْجَةً لِأَبِيهِمْ فَهُمْ تَابِعُونَ لِأُمِّهِمْ، وَعَلَى هَذَا الطَّرَفِ الْأَخِيرِ تَكَلَّمَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَالَ ابْن حَارِثٍ فِي أُصُولِ الْفُتْيَا) : قَالَ مُحَمَّدٌ أَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الصَّبِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ حُكْمُ أَبِيهِ إنْ كَانَ الْفِرَاشُ فِرَاشَ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ فِرَاشَ نِكَاحٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ فِي رِقِّهَا وَحُرِّيَّتِهَا.

وَقَوْلُهُ: " وَكُسْوَةُ الْحُرَّةِ " الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً فَإِنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَكُسْوَتَهَا كَالْحُرِّ، وَاخْتُلِفَ إنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أَمَةً فَقِيلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>