للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَافٌ وَدَخَلَتْ فِي تَحْرِيمِهِ الشُّبْهَةُ فَالْوَلَدُ فِيهِ يَلْحَقُ وَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَرِثَهُ الْبَاقِي اهـ.

وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَمْيِيزِ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ مِمَّا يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: إنَّ كُلَّ نِكَاحٍ كَانَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِلْوَلِيِّ إمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ فَفَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ. وَمَا كَانُوا مَغْلُوبِينَ عَلَى فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ. فَالْأَوَّلُ كَنِكَاحِ الْأَجْنَبِيِّ يَرُدُّهُ الْوَلِيُّ، فَالْخِيَارُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجَةِ عَيْبٌ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجِ، أَوْ بِهِ عَيْبٌ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجَةِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلثَّانِي وَهُوَ مَا كَانُوا مَغْلُوبِينَ عَلَى فَسْخِهِ بِوَلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَالْمُجْمَعِ عَلَى فَسْخِهِ. الْقَوْلُ الثَّانِي قَالَ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي إجَازَتِهِ وَفَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ كَوَلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمُحْرِمِ وَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالْخَامِسَةِ وَأُخْتِ الْمَرْأَةِ أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. قَالَ: وَمَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ أَيْ: تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ كَوْنِهَا تُحَرَّمُ عَلَى آبَائِهِ، وَأَبْنَائِهِ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا، وَيَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفِرَاقِ، وَتَقَعُ بِهِ الْمُوَارَثَةُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ، فَلَا إرْثَ فِيهِ لِأَنَّا لِأَجْلِ الْإِرْثِ فَسَخْنَاهُ. وَأَمَّا مَا يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ فِيهِ طَلَاقٌ إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفِرَاقِ، وَلَا تَقَعُ فِيهِ مُوَارَثَةٌ. اهـ

بِالْمَعْنَى، وَزِيَادَةُ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ لِلْبَيَانِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ هَذَا عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَالْأُولَى: هِيَ قَوْلُهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: إنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي إجَازَةِ فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْضًا: مَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ تَقَعُ بِهِ الْمُوَارَثَةُ، وَالثَّالِثَةُ هِيَ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْضًا: وَمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ. وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا جَلَبْنَا كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِجُمْلَتِهِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِدِ وَالْمُثُلِ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) مَا حَاصِلُهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَك مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِذَلِكَ. أَيْ: بِطَلَاقٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يُفْسَخُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ، فَإِنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ وَنِكَاحَ الْمُحْرِمِ مَثَلًا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ، لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَلَيْسَ لِلثَّلَاثَةِ فِيهِ خِيَارٌ، فَكُلُّ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ، - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.

(وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) وَهِيَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ: تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لَا الِاسْتِبْرَاءُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ. وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَتَلْزَمُ الْعِدَّةُ بِاتِّفَاقٍ ... لِمُبْتَنًى بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ

(قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَتَصَادَقَا عَلَى تَرْكِ الْمَسِيسِ، أَعْلَيْهَا عِدَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَالْعِدَّةِ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَا تُصْدَقُ عَلَى الْعِدَّةِ، أَلَّا تَرَى أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَثَبَتَ نَسَبُهُ، إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدَّعِهِ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ لَا تُصْدَقُ عَلَى الْعِدَّةِ أَيْ: لَا تُصْدَقُ فِي عَدَمِ الْمَسِيسِ فَتَسْقُطُ عَنْهَا الْعِدَّةُ، بَلْ الْعِدَّةُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا تُؤَاخَذُ بِهِ فِي أَنَّهَا لَا صَدَاقَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا لَمْ تُمَسَّ، فَلَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقًا، وَإِطْلَاقُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْعِدَّةِ لِلْمُبْتَنَى بِهَا يُظْهِرُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُقَرِّبِ، وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. فَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، وَنَصُّ الْمُقَرِّبِ الْمُتَقَدِّمِ يَشْهَدُ لَهُ.

وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَدَمُ لُزُومِ الْعِدَّةِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَيَظْهَرُ مِنْ الْمُقَرِّبِ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ، لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَيْ: بِفَسَادِ النِّكَاحِ كَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، قَبْلَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَسَبِيلُهَا فِيهَا سَبِيلُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةِ. وَجَمِيعُ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. فَصَحَّ إطْلَاقُ النَّاظِمِ وُجُوبَ الْعِدَّةِ فِي الْفَاسِدِ بِقِسْمَيْهِ، وَعَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ إطْلَاقُ الْعِدَّةِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ مَجَازًا، يُرَادُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَفِي الرَّصَّاعِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: الْعِدَّةُ مُدَّةُ مَنْعِ النِّكَاحِ لِفَسْخِهِ، أَوْ مَوْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>