للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْعُرُوضِ كُلِّهَا بِالْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَذَلِكَ الَّذِي يَعْنِي بِالْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْنُ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا، إذْ لَا مَحْذُورَ فِي بَيْعِ الْعَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا فِي بَيْعِهِ بِالْعَيْنِ حَالًّا، أَوْ إلَى أَجَلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ يُقَلِّبْ مَا يُفِيتُ شَكْلَهُ ... لَمْ يَضْمَنْ إلَّا حَيْثُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ آنِيَةَ فَخَارٍ، أَوْ زُجَاجًا لِيُقَلِّبَهَا وَيَتَأَمَّلَهَا فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا عَمْدٍ فَانْكَسَرَتْ فَإِنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُهَا فِي التَّقْلِيبِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا ضَمِنَهَا، فَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى آنِيَةٍ أُخْرَى فَانْكَسَرَتْ السُّفْلَى أَيْضًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لَا مَحَالَةَ أَذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الْأُولَى أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، فَقَوْلُهُ: " يُفِيتُ " هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ مُضَارِعُ أَفَاتَ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ التَّقْلِيبِ " وَشَكْلَهُ " مَفْعُولُهُ وَمَعْنَى إفَاتَتِهِ: اسْتِهْلَاكُهُ وَإِعْدَامُهُ، فَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ.

وَسَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ يَأْتِي إلَى الزَّجَّاجِ، أَوْ الْقَلَّالِ، أَوْ الْعَطَّارِ يَسْتَقْرِضُ مِنْهُ قَارُورَةً، أَوْ قُلَّةً، أَوْ قَدَحًا لِيَنْظُرَ إلَى ذَلِكَ فَيَقَعُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَنْكَسِرُ وَيَنْكَسِرُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الزُّجَاجِ، أَوْ الْقِلَالِ قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا نَاوَلَهُ، وَيَضْمَنُ مَا انْكَسَرَ تَحْتَهُ، قُلْت: فَإِنْ تَنَاوَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَجَعَلَ يُسَاوِمُهُ وَلَمْ يُنَاوِلْهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فَيَقَعُ مِنْهُ فَيَنْكَسِرُ؟ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَخَذَ وَلِمَا انْكَسَرَ أَسْفَلَهُ.

قَالَ الْعُتْبِيُّ رَوَاهَا عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ فِيهَا: وَكَذَلِكَ السَّيْفُ يَتَنَاوَلُهُ فَيَهُزُّهُ فَيَنْكَسِرُ، أَوْ الدَّابَّةُ يَرْكَبُهَا لِيَسْتَخْبِرَهَا فَتَمُوتُ تَحْتَهُ، أَوْ الْفَرَسُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ ضَامِنًا بِإِذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. رَوَاهَا أَيْضًا أَصْبَغُ وَزَادَ فِيهَا: وَكَذَلِكَ قُلَلُ الْخَلِّ يَرْفَعُهَا لِيَرُوزَهَا لِيَعْرِفَ قَدْرَهَا وَمَلَاهَا فَتَنْكَسِرُ. قَالَ أَصْبَغُ هَذَا عِنْدِي فِي الْقَوَارِيرِ وَالْأَقْدَاحِ مَا لَمْ يُعَنِّفْ وَيَأْخُذْهُ بِغَيْرِ مَأْخَذِهِ مِثْلَ أَنْ يُعَلِّقَ الْقُلَّةَ الْكَبِيرَةَ بِأُذُنِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْعُنْفِ فَيَضْمَنُ بِهِ (قَالَ أَصْبَغُ) وَإِذَا رَآهُ وَعَلِمَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ.

عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ. (فَرْعٌ) فَإِنْ رَفَعَ الْقَارُورَةَ وَصَاحِبُهَا سَاكِتٌ يُنْظَرُ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ فَانْكَسَرَتْ فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَلَى الشَّيْءِ إذْنٌ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ لَيْسَ إذْنًا فَيَضْمَنُ (فَرْعٌ) فَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْقَارُورَةِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَنَّهُ تَعَمَّدَ طَرْحَهَا أَوْ فَرَّطَ حَتَّى سَقَطَتْ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ، (قَالَ الشَّارِحُ) : وَذَلِكَ جَارٍ عَلَى قَاعِدَةِ التَّدَاعِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْبَيْعُ جَائِزٌ عَلَى أَنْ يُنْتَقَدْ ... فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ حُدَّ الْأَمَدْ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَنْتَقِدَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْبَيْعُ إذَا جَعَلَا لِذَلِكَ أَجَلًا مَعْلُومًا لِئَلَّا يَصِيرَ الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ. (قَالَ فِي التَّهْذِيبِ:) وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَيْنٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَإِنْ سَمَّيَا الْبَلَدَ وَلَمْ يَضْرِبَا لِذَلِكَ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا جَازَ، سَمَّيَا الْبَلَدَ، أَوْ لَمْ يُسَمِّيَاهُ اهـ. " وَيُنْتَقَدُ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُهُ يَعُودُ عَلَى الثَّمَنِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ.

وَبَيْعُ مَا يُجْهَلُ ذَاتًا بِالرِّضَا ... بِالثَّمَنِ الْبَخْسِ أَوْ الْغَالِي مَضَى

وَمَا يُبَاعُ أَنَّهُ يَاقُوتَهْ ... أَوْ أَنَّهُ زُجَاجَةٌ مَنْحُوتَهْ

وَيَظْهَرُ الْعَكْسُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ... جَازَ بِهِ قِيَامُ مَنْ تَظَلَّمَا

يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الشَّيْءِ الَّذِي يَجْهَلُ الْمُتَبَايِعَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ذَاتَه وَحَقِيقَتَهُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ، سَوَاءٌ بِيعَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، أَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ وَلَكِنَّ هَذَا إذَا سَمَّى الْمَبِيعَ بِاسْمِهِ كَقَوْلِهِ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي هَذَا الْحَجَرَ؟ فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، إذْ لَوْ شَاءَ تَثَبَّتَ قَبْلَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْيَاقُوتَ يُسَمَّى حَجَرًا، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ حِينَ اشْتَرَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنّ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَرَفَعَ فِي ثَمَنِهِ فَأَخْطَأَ ظَنُّهُ فَلَا رَدَّ لَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>