للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَازِ إبْدَالِ الدِّينَارِ بِنِصْفَيْ دِينَارٍ أَوْ بِأَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْعِوَضَانِ فِي الْوَزْنِ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الْقَصَّارُ فِي فَتْوَاهُ بِجَوَازِ إبْدَالِ رِيَالٍ كَبِيرٍ بِعِشْرِينَ مَوْزُونَةٍ يَعْنِي أَوْ بِأَكْثَرَ حِينَ صُغِّرَتْ الدَّرَاهِمُ وَذَلِكَ فِي رِيَالٍ وَاحِدٍ لَا فِي أَكْثَرَ وَمَأْخَذُهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(فَرْعٌ) سُئِلَ التُّونُسِيُّ عَنْ مُرَاطَلَةِ الدَّرَاهِمِ الْقَدِيمَةِ بِالْجَدِيدَةِ الْمُحْدَثَةِ الْآنَ وَالْقَدِيمَةُ أَكْثَرُ فِضَّةً وَهَلْ يُقْتَضَى بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُمَا مُخْتَلِفَا الصِّفَةِ وَالنَّفَاقِ وَهَلْ لِمَنْ بَاعَ بِالْقَدِيمَةِ أَنْ يَقْتَضِيَهَا مِنْهَا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) : الْمُرَاطَلَةُ بِهَا جَائِزَةٌ لِأَنَّ مُعْطِي الْجَدِيدَةِ مُتَفَضِّلٌ لَا انْتِفَاعَ لَهُ بِمَا فِي الْقَدِيمَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْفِضَّةِ إذْ لَوْ سُكَّتْ الْقَدِيمَةُ لَخَسِرَ فِيهَا وَيَغْرَمُ عَلَيْهَا لِتَصِيرَ جَدِيدَةً وَقَدْ أَجَازَ أَصْحَابُنَا مُرَاطَلَةَ التِّبْرِ الْجَدِيدِ بِالْمَسْكُوكِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْجَوْدَةَ لِلسِّكَّةِ وَلِمَ يُغَرَّمْ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَ بِقَدِيمَةٍ قَبْلَ قَطْعِهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا هِيَ، وَمَنْ رَضِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَدِيدَةً عَنْ قَدِيمَةٍ جَازَ لِأَنَّهُ أَعْطَى أَفْضَلَ فِي النَّفَاقِ. اهـ مِنْ أَوَاخِرِ السِّفْرِ الثَّالِثِ مِنْ الْمِعْيَارِ.

وَبَيْعُ مَا حُلِّيَ مِمَّا اُتُّخِذَا ... بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِنَقْدٍ نَفَذَا

وَكُلُّ مَا الْفِضَّةُ فِيهِ وَالذَّهَبْ ... فَبِالْعُرُوضِ الْبَيْعُ فِي ذَاكَ وَجَبْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى مَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِهِ الْمُحَلَّى كَالسَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا حُلِّيَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ أَوْ الْمَغْرُوزُ بِخُيُوطٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِهِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إذَا كَانَ جَائِزَ الِاتِّخَاذِ كَالسَّيْفِ لِلرَّجُلِ وَالثِّيَابِ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَيْ بِغَيْرِ جِنْسِ حِلْيَتِهِ، فَإِذَا حُلِّيَ بِذَهَبٍ جَازَ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ وَإِذَا حُلِّيَ بِفِضَّةٍ جَازَ بَيْعُهُ بِذَهَبٍ لَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ نَقْدًا أَيْ مُعَجَّلًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فَيُطْلَبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَدْفُوعَةَ فِي الْمَحَلِّ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ نَصْلِ السَّيْفِ مَثَلًا أَوْ فِي نَفْسِ الثَّوْبِ أَوْ الْمُصْحَفِ وَهُوَ بَيْعٌ. وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْحِلْيَةِ وَهُوَ صَرْفٌ وَاجْتِمَاعُهُمَا تُطْلَبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ كَمَا تُطْلَبُ فِي انْفِرَادِ الصَّرْفِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مِمَّا اُتُّخِذَا أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ كَالسَّيْفِ لِلْمَرْأَةِ أَوْ السِّوَارِ لِلرَّجُلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِذَلِكَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ " بِنَقْدٍ " أَنَّ بَيْعَهُ بِتَأْخِيرٍ مَمْنُوعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ غَيْرَ تَبَعٍ بِأَنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ تَبَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَفُهِمَ مِنْ إطْلَاقِ الْجَوَازِ فِي بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحِلْيَةِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَنَّ بَيْعَهُ بِجِنْسِ الْحِلْيَةَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ غَيْرَ تَابِعَةٍ لِلشَّيْءِ الْمُحَلَّى بِهَا هُنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تَابِعَةً فَيَجُوزُ لَكِنْ بِالتَّعْجِيلِ أَيْضًا لَا بِالتَّأْخِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالتَّبَعُ الثُّلُثُ وَقِيلَ دُونَهُ وَقِيلَ النِّصْفُ.

(التَّوْضِيحُ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ مَعَ قِيمَةِ الْمُحَلَّى.

(التَّوْضِيحُ) سَبَبُهُمَا هَلْ تُعْتَبَرُ الصِّيَاغَةُ أَمْ لَا؟ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّا إذَا بَنَيْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ التَّبَعَ الثُّلُثُ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ التَّبَعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ فَقَطْ؟ فَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْحِلْيَةِ عِشْرِينَ وَبِصِيَاغَتِهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ النَّصْلِ أَرْبَعِينَ جَازَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَالْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ وَالْمُوَازِيَةِ وَالثَّانِي ذَكَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قِيَاسًا عَلَى النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ، وَالزَّكَاةِ اهـ وَلَوْ زَادَ النَّاظِمُ بَيْتًا بَعْدَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ فَقَالَ

وَبَيْعُهُ بِجِنْسِهِ يَجُوزُ إنْ ... حِلْيَتُهُ ثُلُثًا فَدُونَهُ قَمِنْ

لَأَفَادَ حُكْمَ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ وَقَمِنٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِمَعْنَى " حَقِيقٌ " رَاجِعٌ لِكَوْنِ الْحِلْيَةِ ثُلُثًا أَيْ: يَجُوزُ إنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ ثُلُثًا حَقِيقَةً وَهُوَ إيمَاءٌ لِاخْتِيَارِ الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْبَاجِيِّ (إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) .

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا مِنْ بَيْعِ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا لِلضَّرُورَةِ هَذَا حُكْمُ الْمُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَأَمَّا الْمُحَلَّى بِهِمَا مَعًا كَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ مَعًا أَوْ الْمُحَلَّى مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَعًا فَلَا يُبَاعُ بِذَهَبٍ وَلَا بِفِضَّةٍ بَلْ بِالْعُرُوضِ وَالْفُلُوسِ إلَّا إذَا كَانَ مَجْمُوعُهُمَا تَبَعًا لِلسِّلْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ أَوْ لَا. إذَا كَانَ نَقْدًا فَإِذَا كَانَا تَبَعًا فَيُبَاعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّقْدَيْنِ. قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>