للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ. قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِلَى هَذَا الْقِسْمِ أَعْنِي الْمُحَلَّى بِهِمَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِالنَّقْدِ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ إنَّمَا هُوَ إذَا بِيعَ الْمُحَلَّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَمَّا إنْ بِيعَ بِالْعَرْضِ فَيَجُوزُ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ وَجَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحِلْيَةِ وَالْمُسَمَّرَةِ الَّتِي فِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ أَمَّا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَعِقْدِ جَوْهَرٍ فِيهِ قِطَعٌ مِنْ الذَّهَبِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهِ وَبَيْعِ كُلٍّ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِهِ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

(ضَمِيرُ بِهَا) لِلثِّمَارِ وَاَلَّذِي يُلْحَقُ بِالثِّمَارِ الْمَقَاثِئُ وَالْخُضَرُ

بَيْعُ الثِّمَارِ وَالْمَقَاثِئِ وَالْخُضَرْ ... بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرْ

وَحَيْثُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا امْتَنَعْ ... مَا لَمْ يَكُنْ بِالشَّرْطِ لِلْقَطْعِ وَقَعْ

يَعْنِي أَنَّهُ: يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ كَالْعِنَبِ: وَالتَّمْرِ وَفِي بَيْعِ الْمَقَاثِئِ كَالْبِطِّيخِ وَالْفَقُّوسِ وَفِي بَيْعِ الْخُضَرِ كَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي جَمِيعِهَا ثُمَّ صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ فَقَالَ:

وَحَيْثُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا امْتَنَعَ

أَيْ: بَيْعُهَا إلَّا إذَا بِيعَتْ عَلَى شَرْطِ أَنْ تُقْطَعَ فِي الْحَالِ فَيَجُوزُ لَكِنْ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرِ هُوَ الزَّهْوُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ وَفِي غَيْرِهِ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ أَوْ اسْوِدَادِ مَا يَسْوَدُّ كَالزَّيْتُونِ وَالْعِنَبِ الْأَسْوَدِ وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ بِحَيْثُ إذَا قُطِعَ لَا يَفْسُدُ وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَهُوَ الزَّهْوُ وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ وَفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ وَالْبُقُولِ بِاطِّعَامِهَا وَهَلْ فِي الْبِطِّيخِ الِاصْفِرَارُ أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ؟ قَوْلَانِ

(وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَزْهَى فِي الْحَائِطِ كُلِّهِ نَخْلَةٌ دَالِيَةٌ بِيعَ جَمِيعُهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً. مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الدَّالِيَةِ الْحَبَّاتُ فِي الْعُنْقُودِ أَوْ الْعُنْقُودَيْنِ جَازَ بَيْعُهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا تَتَابَعَ طِيبُهُ. ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَلَا تُبَاعُ الْبُقُولُ حَتَّى تَبْلُغَ إبَّانَهَا الَّتِي تَطِيبُ فِيهِ وَيَكُونُ مَا قُطِعَ مِنْهَا لَيْسَ بِفَسَادٍ. قَالَ وَفِي الْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ وَالثُّومِ وَالْبَصَلِ إذَا اسْتَقَلَّ وَرَقُهُ وَتَمَّ، وَانْتُفِعَ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَا يُقْلَعُ مِنْهُ فَسَادًا جَازَ بَيْعُهُ إذَا نَظَرَ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ.

(تَنْبِيهٌ) يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ الْحُبُوبُ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ وَنَحْوِهِمَا وَبُدُوُّ صَلَاحِهَا هُوَ بِالْيُبْسِ فَإِنْ بِيعَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ مَضَى بِقَبْضِهِ، وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَيْبَسَ فُسِخَ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَيْبَسَ مَضَى الْبَيْعُ وَلَمْ يُفْسَخْ. ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَحْكُمُوا لَهُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ. ابْنُ شِهَابٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبِنْ صَلَاحُهَا فَلَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى شَرْطِ أَنْ تُقْطَعَ فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَلَا يَدَّخِرُهَا إلَى الزَّمَانِ الَّذِي تَزِيدُ فِيهِ

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَوَّلُهَا: أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ ثَانِيهَا أَنْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْفَسَادِ. ثَالِثُهَا أَنْ لَا يَتَمَالَأَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْفَسَادُ. أَمَّا بَيْعُهَا عَلَى شَرْطِ التَّبْقِيَةِ فَبَاطِلٌ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ بِحَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَطْعُ وَلَا التَّبْقِيَةُ فَظَاهِرُ. الْمُدَوَّنَةِ يَصِحُّ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يَبْطُلُ. اهـ وَبَعْضُهُ بِالْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهَا مَعَ الْأَصْلِ أَوْ وَحْدَهَا لِمَنْ اشْتَرَطَ الْأَصْلَ وَبَقِيَتْ الثِّمَارُ الْمَأْبُورَةُ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُلْحَقَ بِالْعَقْدِ يُعَدُّ وَاقِعًا فِيهِ وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ، وَقَبِلَهُ مَعَ أَصْلِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ لَهُ وَلَمْ يُتَمَالَأْ عَلَيْهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ

وَخِلْفَةُ الْقَصِيلِ مِلْكُهَا حَرِيّ ... لِبَائِعٍ إلَّا بِشَرْطِ الْمُشْتَرِي

وَلَا يَجُوزُ فِي الثِّمَارِ الْأَجَلُ ... إلَّا بِمَا إثْمَارُهُ مُتَّصِلُ

وَغَائِبٌ فِي الْأَصْلِ لَا يُبَاعُ ... إلَّا إذَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ: -

(الْأُولَى) : أَنَّ مَنْ اشْتَرَى قَصِيلًا لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ خِلْفَتُهُ بَلْ تَبْقَى لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَهَا الْمُشْتَرِي (قَالَ الشَّارِحُ) وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ الْقَصِيلَ فِي الْخِلْفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>