للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْقُرْطِ وَالْقَضْبِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ خِلْفَةِ ذَلِكَ. وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْقَضْبِ وَالْقُرْطِ وَالْقَصِيلِ أَنْ يُشْتَرَطَ خِلْفَتُهُ فِي بَلَد السَّقْيِ لَا فِي بَلَدِ الْمَطَرِ إذْ لَيْسَتْ الْخِلْفَةُ فِيهِ بِمَأْمُونَةٍ وَإِذَا لَمْ تُشْتَرَطْ الْخِلْفَةُ فَإِنَّمَا لَهُ الْجَزَّةُ الْأُولَى وَإِذَا اشْتَرَطَهَا فَلَهُ مَا خَلَفَتْ وَإِنْ كَانَتْ خِلْفَةً بَعْدَ خِلْفَةٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَالْبُقُولِ إذَا بَلَغَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ إذَا قُطِعَ جَازَ بَيْعُهُ حِينَئِذٍ وَبَيْعُ مَا يَطْلُعُ مِنْهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ فَرْعٌ أَفْتَى ابْنُ سِرَاجٍ بِجَوَازِ بَيْعِ الْقَصِيلِ بِالطَّعَامِ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ اتِّفَاقًا وَبِأَنَّهُ يُبَادِرُ بِجَزِّ الْقَصِيلِ فَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى حَبَّبَ فُسِخَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) : - مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا مَالِكٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى مَا تُطْعِمُ الْمَقَاثِئَ شَهْرًا لِاخْتِلَافِ الْحَمْلِ فِي كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَأَمَّا الْمَوْزُ وَالْقُرْطُ وَالْقَضْبُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِأَنَّ مُدَّةَ بَقَائِهِ مَجْهُولَةٌ وَرُبَّمَا بَقِيَ الْمَوْزُ سِنِينَ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ حَتَّى يَحْصُلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهَا فَسَادٌ فَذَلِكَ بُدُوُّ صَلَاحِهَا. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ

وَجَائِزٌ فِي ذَاكَ أَنْ يُسْتَثْنَى ... أَكْثَرُ مِنْ نِصْفٍ لَهُ أَوْ أَدْنَى

وَدُونَ ثُلْثٍ إنْ يَكُنْ مَا اُسْتُثْنِيَ ... بِعَدَدٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ بِوَزْنِ

وَإِنْ يَكُنْ لِثَمَرَاتٍ عَيَّنَا ... فَمُطْلَقًا يَسُوغُ مَا تَعَيَّنَا

تَعَرَّضَ فِي الْأَبْيَاتِ لِحُكْمِ بَيْعِ الثِّمَارِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِهَا فَالْإِشَارَةُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ لِلثِّمَارِ وَالْمَقَاثِئِ وَالْخُضَرِ وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ فَأَخْبَرَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِبَائِعِ الثِّمَارِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا اسْتِثْنَاءُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ كَالرُّبْعِ وَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَقْصُودَهُ الْجُزْءُ الشَّائِعُ مَا ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا فَإِنْ يَكُنْ مَا اسْتَثْنَاهُ مِقْدَارَ ثُلُثِ تِلْكَ الثَّمَرَةِ فَأَقَلَّ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا، أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ (وَدُونَ ثُلْثٍ) أَنَّ مِقْدَارَ الثُّلُثِ نَفْسِهِ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَانِ وَجْهَانِ اسْتِثْنَاءُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ. وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ شَجَرَاتٍ بِعَيْنِهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا

(قَالَ الشَّارِحُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ فَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي كَوْنِ الْمُسْتَثْنَى مَبِيعًا أَوْ مُبْقًى وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلُ لِلْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ " وَثَمَرَةٌ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ " ثُمَّ قَالَ " وَجُزْءٌ مُطْلَقًا " وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَجْهَ الثَّالِثَ وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا نَصُّهُ (وَيَجُوزُ لِبَائِعِ الثَّمَرَةِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ الْجُزْءَ الْمُسْتَثْنَى) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ثُمَّ قَالَ (وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ كَيْلًا مَعْلُومًا فِيمَا يُكَالُ أَوْ وَزْنًا مَعْلُومًا فِيمَا يُوزَنُ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى ثُلُثَ الثَّمَرِ فَدُونَ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) اهـ.

ثُمَّ نَقَلَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ مَا نَصُّهُ: وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْوَاضِحَةِ وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَاسْتَثْنَى ثَمَرَ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا جَازَ ذَلِكَ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ اهـ وَإِلَى هَذَا التَّعْمِيمِ فِي الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْإِطْلَاقِ:

وَفِي عَصِيرِ الْكَرْمِ يُشْرَى بِالذَّهَبْ ... أَوْ فِضَّةٍ أَخْذُ الطَّعَامِ يُجْتَنَبْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ عَصِيرَ كَرْمِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ ثَمَنِهِ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَلَا غَيْرَهُمَا مِنْ سَائِرِ الطَّعَامِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اقْتِضَاءِ الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ نَظَرًا إلَى مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ وَهَذَا الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَصِيرِ بَلْ كُلُّ طَعَامٍ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَضِيَ عَنْ ثَمَنِهِ طَعَامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>