للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْدُودٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْبِرِّ وَقَدْ جَفَوْت الرَّجُلَ أَجْفُوهُ جَفَاءً فَهُوَ مَجْفُوٌّ وَلَا تَقُلْ جَفَيْت قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

(وَمِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ) قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْقَاضِيَ بِالْكَلَامِ فَيَقُولُ لَقَدْ ظَلَمْتَنِي قَالَ: إنَّ ذَلِكَ يُخْتَلَفُ وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ تَفْسِيرًا إلَّا أَنَّ وَجْهَ مَا قَالَ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَذَاهُ، وَكَانَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فَلَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ وَمَا تُرِكَ ذَلِكَ حَتَّى خَاصَمَ أَهْلُ الشَّرَفِ فِي الْعُقُوبَةِ فِي الْإِلْدَادِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ إنَّ لِلْقَاضِي الْفَاضِلِ الْعَدْلِ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ تَنَاوَلَهُ بِالْقَوْلِ وَآذَاهُ بِأَنْ نَسَبَ إلَيْهِ الظُّلْمَ وَالْفُجُورَ، وَمُوَاجَهَةً بِحَضْرَةِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ بِخِلَافِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ آذَاهُ بِهِ وَهُوَ غَائِبٌ لِأَنَّ مَا وَاجَهَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ، وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَنْ اُنْتُهِكَ مَالُهُ فَيُعَاقِبَهُ لَهُ وَبِتَمَوُّلِ الْمَالِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَحْكُمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ.

وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْعُقُوبَةُ فِي هَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ إنْ قَالَ الْخَصْمُ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدْتَ عَلَيَّ بِالزُّورِ أَوْ بِمَا يَسْأَلُك اللَّهُ عَنْهُ، أَوْ مَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَكُنْ قَائِلُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَيُؤَدَّبُ الْمَعْرُوفُ بِالْإِذَايَةِ بِقَدْرِ جُرْمِهِ، وَقَدْرِ الرَّجُلِ الْمُنْتَهَكِ حُرْمَتُهُ، وَقَدْرِ الشَّاتِمِ فِي إذَايَةِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةٌ تَجَافَى عَنْهُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَيُلْحَقُ بِقَضِيَّةِ الشَّاهِدِ وُقُوعُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي صَاحِبِهِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.

وَإِنْ شَتَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَسْرَعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ كَقَوْلِهِ: يَا ظَالِمُ يَا جَائِرُ، فَعَلَيْهِ زَجْرُهُ وَضَرْبُهُ إلَّا ذَا مُرُوءَةٍ فِي فَلْتَةٍ مِنْهُ فَلَا يَضْرِبُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْصِفْ النَّاسَ فِي أَعْرَاضِهِمْ لَمْ يُنْصِفْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ا. هـ.

فَلَوْ قَالَ النَّاظِمُ بَدَلَ الشَّطْرِ الْأَخِيرِ مِنْ الْبَيْتِ الثَّانِي

فِي الْخَصْمِ وَالشَّاهِدِ مِمَّا يُغْتَفَرْ

لَأَفَادَ مَسْأَلَةَ الْوُقُوعِ فِي الْخَصْمِ.

(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَعَزَّرَ شَاهِدًا بِزُورٍ وَمَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمٍ أَوْ مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ لَا يَشْهَدُ بِبَاطِلٍ كَلِخَصْمِهِ كَذَبْت، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَتَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>