للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ذِمَّةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا رِضَا الْمُحَالِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَلَا؛ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ قَوْلًا بِاشْتِرَاطِ رِضَاهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ، فَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَدَاوَةِ قَالَهُ مَالِكٌ اهـ.

(الثَّالِثُ) - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ مِثْلَ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَا مُتَجَانِسَيْنِ كَذَهَبٍ وَذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ وَفِضَّةٍ، وَلَا تَجُوزُ الْإِحَالَةُ بِذَهَبٍ عَلَى فِضَّةٍ، وَلَا الْعَكْسُ وَمُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَالصِّفَةِ اهـ. أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ بِدِينَارٍ عَلَى دِينَارَيْنِ، وَلَا بِالْعَكْسِ، لِأَنَّهُ ذَهَبٌ يَذْهَبُ مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا الْإِحَالَةُ بِدِينَارٍ عَلَى مَنْ لَكَ عَلَيْهِ دِينَارَانِ، عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ دِينَارًا أَوْ يَتْرُكَ الدِّينَارَ الْآخَرَ فَهَذَا جَائِزٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْتَالَ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ فِضَّةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ، فَأُحِيلَ عَلَى يَزِيدِيَّةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِلَى هَذَا الشَّرْطِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ إلَّا

الْبَيْتَ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِحَالَةَ بِذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ، وَبِالْعَكْسِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْحَالِّ، وَلَا يَجُوزُ بِتَأْخِيرٍ بِقَوْلِهِ:

وَلَا تُحِلْ " بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِي

ثَانِيهِمَا " الْبَيْتَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ فِضَّةً، فَلَا يُحِيلُهُ بِهِ وَإِنْ حَلَّا، إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ مَكَانَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِ الثَّلَاثَةِ، وَقَبْلَ طُولِ الْمَجْلِسِ اهـ.

(الرَّابِعُ) . يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنَانِ طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ، فَلَا تَجُوزُ الْإِحَالَةُ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ حَلَّا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَا مِنْ سَلَفٍ جَازَتْ الْإِحَالَةُ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَفِي طَعَامٍ مَا إحَالَةٌ تَفِي

فَمَا " نَافِيَةٌ "، " وَتَفِي " مُضَارِعُ وَفَى، أَيْ: لَا تَصِحُّ وَلَا تَتِمُّ الْإِحَالَةُ إلَّا إذَا كَانَا مَعًا مِنْ سَلَفٍ فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إذَا كَانَا مَعًا مِنْ غَيْرِ سَلَفٍ وَهُوَ الْبَيْعُ أَيْ السَّلَمُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ سَلَفٍ جَازَتْ إنْ حَلَّا مَعًا وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَفِي اجْتِمَاعِ سَلَمٍ وَقَرْضِ

الْبَيْتُ مُرَادُهُ بِذِي الْقَبْضِ الدَّيْنُ الْمَقْبُوضُ حِسًّا وَهُوَ مَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَلَا إشْكَالَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ اشْتِرَاطَ الْحُلُولِ فِي الْمُحَالِ بِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُلُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْتَرَطٌ فِي الْإِحَالَةِ فِي الطَّعَامَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ سَلَفٍ احْتَاجَ إلَى التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسَعْهُ السُّكُوتُ عَنْهُ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَفِي اجْتِمَاعِ سَلَمٍ وَقَرْضِ

الْبَيْتَ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) عَنْ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنَانِ طَعَامًا وَمِنْ سَلَمٍ سَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامَانِ مُتَّفِقَيْنِ أَمْ لَا اسْتَوَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ أَمْ لَا وَأَجَازَ أَشْهَبُ إذَا اتَّفَقَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ وَاتَّفَقَ الطَّعَامَانِ تَشْبِيهًا بِالتَّوْلِيَةِ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامَانِ مِنْ قَرْضٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ الْحَوَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِشَرْطِ حُلُولِ الطَّعَامَيْنِ مَعًا وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ جَوَازَ الْحَوَالَةِ بِشَرْطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ خَاصَّةً اهـ وَفِي التَّهْذِيبِ وَمَنْ لَهُ عَلَيْكَ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ فَأَحَلْتَهُ عَلَى طَعَامٍ لَك مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ عَلَيْكَ مِنْ قَرْضٍ فَأَحَلْتَهُ عَلَى طَعَامٍ لَك مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ قَدْ حَلَّ أَوْ دَفَعْتَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ يَبْتَاعُ بِهَا طَعَامًا يَقْبِضُهُ مِنْ حَقِّهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ اهـ

مِنْ الشَّارِحِ (الْخَامِسُ) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَوَالَةُ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>