للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ الزَّوْجُ أَخَذَتْ كِرَاءَ مَا اسْتَغَلَّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ كِرَاءَ مَا سَكَنَ، وَمَفْهُومٌ فِي الْمَوْتِ أَنَّهَا تَرْجِعُ فِي حَيَاتِهِ فِي السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ

لَهَا الْقِيَامُ بَعْدُ فِي الْمَنْصُوصِ

هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ أَنْ مُتِّعَ؛ أَنَّ مَا أَمْتَعَتْهُ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ

(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ زَرَعَ مَالَهَا وَهِيَ رَشِيدَةٌ، وَانْتَفَعَ بِهِ، وَهِيَ تَحْتَهُ فَتُطَالِبُهُ بِالْكِرَاءِ، كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَكْرَى مَالَهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ تَنْظُرُ فِيهِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْكِرَاءِ، كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَحَبَّتْ، لِأَنَّ مَالَ أَحَدٍ لَا يَطِيبُ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَالْمَرْأَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ

(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ أَحْمَدَ: إذَا سَكَنَ الزَّوْجُ دَارَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ مَعَهُ، وَطَلَبَتْهُ بِالْكِرَاءِ، وَكَانَتْ مَالِكَةً لِنَفْسِهَا قِيلَ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ، وَقِيلَ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى، وَلَهَا الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ تَطْلُبُهُ، وَلِلزَّوْجِ إخْرَاجُهَا مِنْهَا إلَى دَارِ غَيْرِهَا إنْ أَحَبَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا شَرْطُ السُّكْنَى فِي دَارٍ بِعَقْدِ يَمِينٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا وَلَهَا أَخْذُ الْكِرَاءِ لَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ شَرْطُ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي وِلَايَةٍ فَلَهَا الْكِرَاءُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ سَكَنَ اهـ فَقَوْلُهُ بِعَقْدِ يَمِينٍ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَالصَّوَابُ وُجُوبُ الْكِرَاءِ إذْ هُوَ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مَعَ هَذَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَحَدٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ مَالَهَا وَهِيَ تَنْظُرُ لَا تُغَيِّرُ، أَوْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ، أَنَّ لَهَا أَخْذَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهَا أَنَّهَا لَمْ تُنْفِقْ عَلَيْهِ، وَلَا تَرَكَتْهُ يَأْكُلُ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ إلَّا لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهَا، فَمَنْ أَسْقَطَ الْكِرَاءَ فَعَلَيْهِ دَلِيلُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَسْوَدَ فَجَاءَ رَجُلٌ يُخَاصِمُ خَتَنَهُ، وَكَانَتْ الِابْنَةُ فِي وِلَايَةِ الْأَبِ، وَكَانَ الزَّوْجُ سَاكِنًا مَعَهَا دَارَهَا، فَطَلَبَ الْأَبُ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يُرَحِّلَ الِابْنَةَ مِنْ دَارِهَا، وَأَنْ يُكْرِيَهَا لَهَا، فَتَنْتَفِعَ بِكِرَائِهَا. فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَسْوَدَ لِلزَّوْجِ: أَلَكَ دَارٌ؟ فَقَالَ: لَا وَصَدَّقَهُ أَبُو الْجَارِيَةِ فَقَالَ الْقَاضِي لِأَبِ الْجَارِيَةِ: وَلَا كَرَامَةَ لَك أَنْ تُخْرِجَ ابْنَتَكَ مِنْ دَارِهَا إلَى دَارٍ أُخْرَى مَعَ زَوْجِهَا، فَتَمْشِيَ بِفِرَاشِهَا عَلَى عُنُقِهَا مِنْ دَارِهَا فَتَهْتِكَ سِتْرَهَا لَيْسَ هَذَا مِنْ حُسْنِ النَّظَرِ لَهَا. فَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ سُلَيْمَانَ. وَخِلَافُ ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ فِيهَا شَهِيرٌ اهـ وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ.

وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ ... عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ

لَا يُمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدُ إنْ بَقِيَ ... لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ

وَيَقْتَضِي مِنْ ذَاكَ حَقًّا مَلَكَهْ ... بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، فَمَاتَ الْمَدِينُ، وَحَضَرَ رَبُّ الدَّيْنِ لِقَسْمِ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>