للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآجَالِ فِي مَسَائِلَ يَنْقَاسُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَا يُمَاثِلُهَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ تَحْدِيدِهَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا مَوْكُولَةً لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ تَبْقَى النَّفْسُ مُتَشَوِّفَةً لِتَحْدِيدِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ لِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَقَدْ يَرَى قَاضِي الْوَقْتِ خِلَافَ مَا حَكَمَ بِهِ مَنْ قَبْلَهُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِالنَّازِلَةِ الْمَحْكُومِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَبِثَلَاثَةٍ. . . إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى عِنْدَ الْقُضَاةِ بِالتَّأْجِيلِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي مَسَائِلَ وَذَلِكَ كَمَنْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فِي شِقْصٍ وَطَلَبَ التَّأْجِيلَ لِإِحْضَارِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِيَنْظُرَ هَلْ يَشْفَعُ أَمْ لَا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَكَمَنْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى مَالِيَّةٌ فَادَّعَى النِّسْيَانَ لِطُولِ الزَّمَنِ فَيُؤَجَّلُ لِيَتَذَكَّرَ فَيُقِرُّ أَوْ يُنْكِرُ، وَكَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَادَّعَى أَنَّ عِنْدَهُ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ بِهِ تِلْكَ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ أَمْرُهَا مُسْتَبْشَعُ) صِفَةُ الْيَمِينِ، وَلَعَلَّ وَصْفَهَا بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَرْجِيحِ الصُّلْحِ عَلَى الْيَمِينِ فِي دَعْوَى يُتَحَقَّقُ بُطْلَانُهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ لِإِثْبَاتِ دَيْنٍ لِمِدْيَانِهِ كَأَنْ يَكُونُ لَكَ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ فَادَّعَى الْعَدَمَ، فَزَعَمْتَ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ وَأَرَدْت التَّأْجِيلَ لِإِثْبَاتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ التَّأْجِيلَ؛ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى مُنْكِرِهِ.

(فَلَامُ) لِمِدْيَانٍ عَلَى هَذَا بِمَعْنَى عَلَى وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَحَقَّ رُبْعًا بِشُرُوطِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْإِعْذَارُ لِلْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ، وَطَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ إخْلَاءَ ذَلِكَ الرُّبْعِ فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ حَائِزُهُ لِإِخْلَائِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُرُوعٍ وَنَصَّ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا فِي الْمُقَرِّبِ وَعَلَى الثَّالِثِ مِنْهَا الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَى الرَّابِعِ الْجَزِيرِيُّ نَقَلَ ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ.

وَفِي سِوَى أَصْلٍ لَهُ ثَمَانِيَهْ ... وَنِصْفُهَا لِسِتَّةٍ مُوَالِيَهْ

ثُمَّ ثَلَاثَةٌ لِذَاكَ تُتْبَعُ ... تَلَوُّمًا وَأَصْلُهُ تَمَتَّعُوا

يَعْنِي أَنَّ التَّأْجِيلَ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ إحْدَى وَعِشْرُونَ يَوْمًا ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ تَلَوُّمًا، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الْأُصُولَ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَأْتِي عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ تُسْتَثْنَى الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلُ وَمَا أَشْبَهَهَا إذْ لَيْسَ التَّأْجِيلُ بِثَلَاثٍ مَحْصُورًا فِيهَا كَمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَثْنَ؛ لِتَنَاقُضِ الْكَلَامِ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ: وَفِي سِوَى أَصْلٍ، وَاسْتِعْمَالُ النَّاظِمِ فِي الْبَيْتَيْنِ تَفْرِيقُ الْآجَالِ وَسَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>