للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَهْلَ يُعْرَضُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ جَهْلٍ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ مَا يُجْهَلُ ذَاتًا لِرِضًا الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةَ. وَجَهْلٌ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْغَبْنُ الْمَذْكُورُ هُنَا وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ بِكَثِيرٍ فَيُغْبَنَ الْمُشْتَرِي، أَوْ يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ بِكَثِيرٍ فَيُغْبَنَ الْبَائِعُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي النَّقِيصَةِ الَّتِي لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا طَرِيقَتَانِ. هَذَا يُسَمَّى الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْبُونُ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا، وَالْغَبْنُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاءِ السِّلْعَةِ بِأَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّ النَّاسَ لَا يَتَغَابَنُونَ بِمِثْلِهِ أَوْ بَيْعِهَا بِأَقَلَّ كَذَلِكَ وَأَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فَلَا يُوجِبُ رَدًّا اتِّفَاقًا وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى لِعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ وَحَاصِلُ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ إنْ اسْتَسْلَمَ أَيْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ أَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِقِيمَتِهِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: قِيمَتُهُ كَذَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْمَبِيعِ وَبِثَمَنِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قَوْلَانِ (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ اهـ وَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ، تَرَدَّدَ فِي عَدَمِ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ هَلْ يُقَيَّدُ بِعَدَمِ الِاسْتِسْلَامِ وَالْإِخْبَارِ بِجَهْلِهِ، أَمَّا إنْ اسْتَسْلَمَ وَأَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ فَلَهُ الْقِيَامُ أَوْ يُقَيَّدُ بِعَدَمِ الِاسْتِئْمَانِ فَإِنْ اسْتَأْمَنَهُ فَلَهُ الْقِيَامُ فِي ذَلِكَ تَرَدَّدَ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي طُرَرِهِ.

قَالَ: وَلَيْسَ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْقِيَامِ مُطْلَقًا بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا تَحْكِي التَّقْيِيدَ لَكِنْ بِغَيْرِ مَا قُيِّدَتْ بِهِ الْأُخْرَى وَذَهَبَ النَّاظِمُ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِالْقِيَامِ بِالْغَبْنِ وَذَكَرَ لَهُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ لَا يَمْضِيَ عَامٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَغْبُونُ مِنْهُمَا جَاهِلًا بِالْقِيَمِ وَالْأَثْمَانِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْغَبْنُ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ، أَمَّا مُرُورُ الْعَامِ فَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ فُتْيَا لِابْنِ لُبٍّ أَنَّ الْمَالِكَ أَمَرَ نَفْسَهُ مُرُورَ عَامٍ يَقْطَعُ قِيَامَهُ، قَالَ وَأَمَّا الْمَحْجُورُ فَيُنْظَرُ لَهُ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَغْبُونِ جَاهِلًا بِالْقِيَمِ وَالْأَثْمَانِ فَنَقَلَ الشَّارِحُ ذَلِكَ عَنْ فُتْيَا ابْنِ لُبٍّ أَيْضًا وَأَنَّهُ إنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا كَوْنُ الْغَبْنِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي تَحْدِيدِ الْغَبْنِ قِيلَ الثُّلُثُ فَمَا زَادَ وَعَلَيْهِ ذَهَبَ النَّاظِمُ، وَقَيْلَ هُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقِيلَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ دُونَ الثُّلُثِ وَحَكَى

<<  <  ج: ص:  >  >>