للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ؛ لِافْتِقَارِهِ إلَى التَّسْوِيفِ وَمَعْرِفَةِ مَنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي شِرَائِهِ بِتَعْرِيضِهِ لِلْبَيْعِ وَالشَّهْرَانِ فِي ذَلِكَ مَظِنَّةُ بُلُوغِ الْإِخْبَارِ عَنْ بَيْعِهِ لِمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ، وَكَذَا أَجَّلُوا فِي حَلِّ الْعُقُودِ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ، وَحَلُّ الْعُقُودِ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ: إمَّا بِظُهُورِ تَنَاقُضٍ عَلَى السَّوَاءِ فِي الِاسْتِرْعَاءِ أَوْ بِظُهُورِ تَنَاقُضٍ فِي الْمَشْهَدِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ فِي الْأَصْلِ كَاخْتِلَافِ قَوْلٍ وَاضْطِرَابِ مَقَالٍ أَوْ بِمُضَادَّةِ قَوْلِهِ لِنَصِّ مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ وَإِمَّا بِتَجْرِيحِ شُهُودِهِمَا وَإِمَّا بِثُبُوتِ اسْتِرْعَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ عَلَى صِفَةٍ بِعَدَاوَةٍ بَيْنَ الشُّهُودِ وَبَيْنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ، وَإِمَّا بِثُبُوتِ اسْتِرْعَاءٍ مَعْرُوفِ السَّبَبِ فِيمَا انْعَقَدَ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِ مَعْرُوفِ السَّبَبِ فِيمَا انْعَقَدَ بِالتَّبَرُّعِ وَإِمَّا بِظُهُورِ اسْتِحَالَةٍ فِي مُتُونِ الرَّسْمِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ بَابِ الشَّهَادَةِ. (قَالَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ) مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ النَّاضِّ فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ فِي بَيْعِ رَبْعِهِ الشَّهْرَ أَوْ أَكْثَرَ إلَى الشَّهْرَيْنِ فَهَذَا مَا عِنْدَنَا قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْوَلِيدِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ وَفِي الْإِعْذَارِ فِي الْبَيِّنَاتِ وَحَلِّ الْعُقُودِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا انْتَهَى.

وَتُجْمَعُ الْآجَالُ وَالتَّفْصِيلُ ... فِي وَقْتِنَا هَذَا هُوَ الْمَعْمُولُ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُجَمِّعَ الْآجَالَ وَيُعَيِّنَ لَهَا أَجَلًا مَعْلُومًا، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْصِلَهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:

وَفِي سِوَى أَصْلٍ لَهُ ثَمَانِيَهْ

. . . إلَخْ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ سِعَةٌ وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ عَلَى تَفْصِيلِهَا، وَوَجْهُهُ رَجَاءُ تَمَامِ الْقَضِيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى الْأَجَلِ الثَّانِي وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ بِتَفْرِيقِ الْآجَالِ جَرَى الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ بُنِيَتْ السِّجِلَّاتُ.

[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

ِ الْإِعْذَارُ مَصْدَرُ أَعْذَرَ إعْذَارًا إذَا بَالَغَ فِي طَلَبِ الْعُذْرِ

وَقَبْلَ حُكْمٍ يَثْبُتُ الْإِعْذَارُ ... بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَذَا الْمُخْتَارُ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِعْذَارُ إلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَ لَا حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً أَجَّلَهُ إلَيْهَا وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بَعِيدَةً حَكَمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ فِي كِتَابٍ وَمَتَى أَحْضَرَهَا فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا حُكِمَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] .

وَيَثْبُتُ ذَلِكَ الْإِعْذَارُ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَبِهِ الْعَمَلُ فَقَوْلُهُ وَذَا الْمُخْتَارُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ الْإِشَارَةُ إلَى كَوْنِ الْإِعْذَارِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَهُ وَهُمَا قَوْلَانِ كَمَا يَأْتِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إلَى قَوْلِهِ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَيَكُونُ مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِعْذَارُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ. (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يُنَفِّذَ حُكْمَهُ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُعْذِرَ إلَيْهِ بِرَجُلَيْنِ وَإِنْ أَعْذَرَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ، وَاسْتَدَلَّ قَائِلُ هَذَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَتُؤْخَذُ صِحَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَنُدِبَ مُتَعَدِّدٌ فِيهِ حَيْثُ جَعَلَ التَّعَدُّدَ مُسْتَحَبًّا لَا وَاجِبًا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ (ابْنُ عَرَفَةَ) الْإِعْذَارُ سُؤَالُ الْحَاكِمِ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ مُوجِبُ حُكْمٍ هَلْ لَهُ مَا يُسْقِطُهُ؟ قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ وَغَيْرُهُ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي تَنْفِيذُ حُكْمٍ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُعْذِرَ إلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: ١٥] الْآيَةَ (وَفِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ) وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْإِعْذَارِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَقِيلَ يُعْذِرُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَبِهِ الْعَمَلُ، وَقِيلَ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْذِرُ إلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْإِعْذَارِ قَبْلَ الْحُكْمِ ذَهَبَ النَّاظِمُ. (فَرْعٌ) .

إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ حُجَّةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَكَذَا إنْ أَعْذَرَ إلَيْهِ وَلَمْ يُعْجِزْهُ، نَقَلَهُ الْيَرْنَاسَنِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ اسْتَطْرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>