للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا صَنَعْ " مَصْدَرِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ ابْنُ عَيْشُونٍ: مَنْ أَقَالَ رَجُلًا فِي بَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ فَوَجَدَ شَيْأَهُ قَدْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ مَاتَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِقَالَةُ إلَّا فِي الطَّعَامِ، وَكُلِّ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فَتَلْزَمُهُ. .

(فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ، أَوْ سِلْعَتَهُ بِمِائَةٍ مَثَلًا نَقْدًا فَلَمَّا قَبَضَ الثَّمَنَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَتَبِيعُهَا مِنِّي بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى عَامٍ أَوْ أُقَدِّمُ لَك مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فَأَجَابَ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لِقِصَّةٍ حَدَثَتْ لَهُ فِي شِرَائِهَا بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا، وَانْتَقَدَ لَهُ الثَّمَنَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ ابْتِيَاعَهَا جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اهـ.

مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلتُّهْمَةِ اللَّاحِقَةِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ دَفَعَ مِائَةً يَقْبِضُ عَنْهَا مِائَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ لِلنَّاظِمِ فِي بَابِ الْيَمِينِ الْكَلَامُ عَلَى دَعْوَى الْإِقَالَةِ هَلْ تُوجِبُ يَمِينًا.

وَلَا يُقَالُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ الْأَجَلْ ... بِثَمَنٍ أَدْنَى وَلَا وَقْتٍ أَقَلْ

أَوْ ثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْهُ لِأَمَدْ ... أَبْعَدَ مِمَّا كَانَ فِيهِ الْمُعْتَمَدْ

وَهِيَ إذَا كَانَتْ بِمِثْلِ الْمَالِ ... جَائِزَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ حَالِّ

يُقَالُ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ مُضَارِعُ أَقَالَ يُقِيلُ إقَالَةً يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ: " وَلَا وَقْتَ أَقَلْ " أَيْ أَجَلٌ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّقْدِ وَبِنِصْفِ الْأَجَلِ مَثَلًا فَلَا فِي قَوْلِهِ: " وَلَا وَقْتَ أَقَلْ " تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِثَمَنٍ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَ " وَقْتَ " أَيْ أَجَلٌ أَقَلُّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ كَمَنْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ يَدْفَعُهَا نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " بِثَمَنٍ أَدْنَى " أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ.

وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَلَا وَقْتَ أَقَلْ " أَنَّهُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لَمْ يَمْتَنِعْ وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَنْ بَاعَ ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى شَهْرَيْنِ مَثَلًا فَقَوْلُهُ: " أَوْ ثَمَنٍ " مَعْطُوفٌ عَلَى " بِثَمَنٍ " فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ وَالْمُعْتَمَدْ خَبَرُ كَانَ، وَاسْمُهَا يَعُودُ عَلَى مَا الْمَوْصُولَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَمَدِ أَيْ لِأَمَدٍ أَبْعَدَ مِمَّا كَانَ مُعْتَمَدًا لَهُمَا أَوَّلًا وَهُوَ الشَّهْرُ مَثَلًا، وَقَدْ اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ الْأَوَّلَانِ عَلَى الثَّلَاثِ صُوَرِ الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْمُتَصَوَّرَةِ عَقْلًا، الْمَذْكُورَةِ أَوَّلَ بُيُوعِ الْآجَالِ، وَبَيَانُهَا أَنَّ مَنْ بَاعَ ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَشَرَةٍ أَيْضًا، أَوْ بِثَمَانِيَةٍ، أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الشَّهْرِ كَنِصْفِ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ لِلشَّهْرِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْ الشَّهْرِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً كُلُّهَا جَائِزَةٌ إلَّا الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَ النَّاظِمُ.

وَهِيَ إذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى شَهْرَيْنِ لِأَنَّ الْيَدَ السَّابِقَةَ بِدَفْعِ الْمَالِ رَجَعَ إلَيْهَا أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَتْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَيُتَّهَمُ عَلَى قَصْدِ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَيُمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِجَوَازِ أَرْبَعِ صُوَرٍ مِنْ التِّسْعِ الْبَوَاقِي فَقَالَ: " وَهِيَ إذَا كَانَتْ " (الْبَيْتَ) أَيْ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَيْضًا، فَذَلِكَ جَائِزٌ كَانَ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى دُونِ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ وَعَلَى شُمُولِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " فِي كُلِّ حَالٍ حَالِّ " فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ أَحَدِ وَجْهَيْنِ شَمِلَهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: " بِثَمَنٍ أَدْنَى " وَهُوَ كَوْنُهُ مُسَاوِيًا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ وَهُوَ كَوْنُهُ بِأَكْثَرَ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِأَبْعَدَ مَمْنُوعٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ، فَلَا يُمْنَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ: " وَلَا وَقْتَ أَقَلْ " صُورَتَانِ جَائِزَتَانِ وَهُمَا: إذَا اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ.

وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ النَّاظِمُ عَلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَمْنُوعَةِ بِالْمَنْطُوقِ، وَعَلَى التِّسْعِ الْجَائِزَةِ بِالْمَفْهُومِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِلْفُقَهَاءِ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ فَهِيَ بَيْعٌ مُسْتَأْنَفٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَقِيلَ: هِيَ بَيْعٌ ثَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>