للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ وَصْفٌ قُدِّرَا ... يَفْرِضُهُ الذِّهْنُ وَلَيْسَ أَنْ يُرَى

إذْ لَيْسَ ذَاتًا بَلْ وَلَا وَصْفًا لَهَا ... فَقَدِّرْ الدَّيْنَ الَّذِي قَدْ حَلَّهَا

كَأَنَّهُ وُضِعَ فِي ظَرْفٍ لَدَى ... مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ قَدْ تُقْتَدَى

(قَالَ الْقَرَافِيُّ) : الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَثْبُتُ فِيهَا اعْلَمْ أَنَّ الْمُعَيَّنَاتِ الشَّخْصِيَّةَ فِي الْخَارِجِ الْمَرْئِيَّةَ فِي الْحِسِّ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ وَلِذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مُعَيَّنَةً، فَاسْتُحِقَّتْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَوْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي السَّلَمِ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ، وَعَيَّنَهُ، فَظَهَرَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ اهـ.

رَاجِعْ شَرْحَ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ لِلشَّيْخِ الْمَنْجُورِ عِنْدَ قَوْلِهِ:

هَلْ يَتَعَيَّنُ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِمَّا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ بِقَوْلِهِ:

وَشَرْطُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ أَنْ يُرَى

مُتَّصِفًا (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) : قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: السَّلَمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ تَنْضَبِطُ صِفَتُهُ جَائِزٌ بِشُرُوطٍ مَا عَدَا الدُّورَ، وَالْأَرَضِينَ.

(وَفِي التَّوْضِيحِ) يُبَيَّنُ فِي السَّلَمِ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا قِيمَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ اخْتِلَافًا لَا يَتَغَابَنُ الْمُتَبَايِعَانِ بِمِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا كَانَتْ لَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُهَا فِي السَّلَمِ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يُبَيَّنُ فِي السَّلَمِ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِسَبَبِهَا، وَاخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُ مَا تَعَلَّقَ لَهُ الْغَرَضُ صِفَةً يَسِيرًا عِنْدَ التُّجَّارِ وَتَخْلُفُهَا صِفَةٌ أُخْرَى ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَاتُ مَعْلُومَةً لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّهُ مَتَى اخْتَصَّ الْمُتَعَاقِدَانِ بِعِلْمِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى نُدُورِهَا، وَالنُّدُورُ يَقْتَضِي عِزَّةَ الْوُجُودِ وَأَيْضًا، فَاخْتِصَاصُهَا بِهِمَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ: وَيُرْجَعُ فِي تَعْيِينِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ إلَى الْعَوَائِدِ فَرُبَّ صِفَةٍ تَتَعَيَّنُ فِي نَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ وَفِي بَلَدٍ دُونَ أُخْرَى، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ بِهَذَا الضَّابِطِ عَنْ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ لَا نُدْرِجُهَا فِيمَا ذَكَرَهُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: مُؤَجَّلًا (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) فِي تَعْدَادِ الشُّرُوطِ: وَأَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا أَوْ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّلِ مِثْلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْقَضَاءُ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ لِأَنَّ الْمُتَبَقِّيَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ اخْتِلَافُ الْأَسْوَاقِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْبَلَدَيْنِ وَإِنْ قَرُبَتْ مَسَافَةُ مَا بَيْنِهِمَا عَلَى مَا يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ اهـ.

(وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ) الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إلَى مُدَّةٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ عُرْفًا كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقِيلَ إلَى يَوْمَيْنِ وَقِيلَ إلَى يَوْمٍ (التَّوْضِيحُ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ الْحَالُّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَهُمْ يُسْلِمُونَ فِي الثِّمَارِ فَقَالَ مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ إلَى مُدَّةٍ بَيَانٌ لِلْأَجَلِ الْمُشْتَرَطِ وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَكُونَ إلَخْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ اهـ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِعَيْنٍ وَلَا بِعَرَضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ، وَلَمْ يَحِدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَرَأَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَقَلَّ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، فَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَجَائِزٌ إنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (ابْنُ حَبِيبٍ) أَوْ يَوْمَيْنِ لِاخْتِلَافِ سِعْرِهِمَا فَصَارَ كَبُعْدِ الْأَجَلِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ اهـ.

عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ: " مُقَدَّرَا

بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَرْعٍ أَوْ عَدَدْ

قَالَ الْبَاجِيُّ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَّا مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ، أَوْ بِالذِّرَاعِ فِي الثِّيَابِ وَأَمَّا الصُّوفُ، فَيُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْجَزْرِ (قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ) : " وَالْبَيْضُ لَا يَتَقَدَّرُ إلَّا بِالْعَدَدِ " مِنْ الْمَوَّاقِ (التَّوْضِيحُ) فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ بِعَادَتِهِ أَيْ فَمَا كَانَتْ فِيهِ الْعَادَةُ الْكَيْلَ، فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَزْنِ كَالْحِنْطَةِ وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>