للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِرَاءَ الْمِثْلِ وَنَقَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ كِرَاءُ مِثْلِهِ لَا عَلَى مَا أَكْرَاهُ (قُلْت:) : وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكْتَرِي دَارًا أَوْ حَانُوتًا أَوْ غَيْرَهُمَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَتُقْضَى تِلْكَ الْمُدَّةُ وَيَبْقَى الْمُكْتَرِي سَاكِتًا عَلَى الْمُسَاكَنَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِيهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْكِرَاءِ الْمِثْلُ؟ أَوْ مِنْ حِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ يَجْرِي عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَعَلَى كِرَاءِ الْمِثْلِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَكِرَاءُ مِثْلِ الزَّائِدِ.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَتْ السَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ مُعَيَّنًا فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنَا شَهْرًا وَلَا سَنَةً كَكُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْحِلَالُ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَزْرَعْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَكْرِيَةِ الدُّورِ فَإِنْ زَرَعَ لَزِمَهُمَا الْكِرَاءُ لِمَا سَمَّيَاهُ مِنْ الْمُدَّةِ ثُمَّ لَهُمَا الِانْحِلَالُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُكْتَرِي بَعْدَ مَا زَرَعَ أَنْ يَقْلَعَ زَرْعَهُ، وَبَقْلَهُ، وَيُعْطِيَهُ كِرَاءَ الْمُدَّةِ الَّتِي شَغَلَ فِيهَا أَرْضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ لَزِمَهُ كِرَاءُ الْمُدَّةِ.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَتْ السَّنَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا يُزْرَعُ الْعَامَ كُلَّهُ، فَأَوَّلُ السَّنَةِ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَقْتُ الْعَقْدِ إنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ مَزْرُوعٍ وَإِلَّا فَيَوْمَ تَخْلُو مِنْهُ إلَى تَمَامِ سَنَةٍ قَمَرِيَّةٍ أَوْ شَمْسِيَّةٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ عُرْفَ الْبَلَدِ فِي الْكِرَاءِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْرَعُ مَرَّةً فِي الْعَامِ فَأَوَّلُهُ وَقْتُ الزِّرَاعَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُتَقَدَّمُ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِحَرْثٍ أَوْ وَقَعَتْ الْحَرْثُ لَهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا عُهِدَ ذَلِكَ فِيهَا وَآخِرُهُ رَفْعُ الزَّرْعِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُكْتَرِي فِيهَا بَقِيَّةَ السَّنَةِ وَلَا يُحَطُّ لِذَلِكَ شَيْءٌ، وَلِرَبِّهَا أَنْ يَحْرُثَ إنْ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي مَنْعُهُ لِأَنَّهُ مُضَارٌّ.

وَبِتَوَالِي الْقَحْطِ، وَالْأَمْطَارِ ... جَائِحَةُ الْكِرَاءِ مِثْلُ الْفَارِ

وَيَسْقُطُ الْكِرَاءُ إمَّا جُمْلَهُ ... أَوْ بِحِسَابِ مَا الْفَسَادُ حَلَّهُ

وَلَيْسَ يَسْقُطُ الْكِرَا فِي مُوجَدٍ ... بِمِثْلِ صِرٍّ أَوْ بِمِثْلِ بَرَدِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ، فَتَوَالَى عَلَيْهَا الْقَحْطُ أَوْ الْمَطَرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ الْمُكْتَرِي مَعَهُ عَلَى الِازْدِرَاعِ فِيهَا، أَوْ هَلَكَ الزَّرْعُ بِفَأْرٍ أَوْ مِثْلِ الْفَأْرِ كَالدُّودِ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَسْقُطُ عَنْ الْمُكْتَرِي عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ وَهُوَ إنْ فَسَدَ الْجَمِيعُ أَوْ بَقِيَ مَا لَا قَدْرَ لَهُ وَلَا بَالَ سَقَطَ عَنْ الْمُكْتَرِي جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَإِنْ سَلِمَ مَا لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ لَزِمَ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَ " الْقَحْطُ " بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ عَدَمُ الْمَطَرِ.

(قَالَ فِي الْمَشَارِقِ) : قَحَطَ الْقَوْمُ الْأَرْضَ إذْ لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ أَنَّ الْجَائِحَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِ الْأَرْضِ وَمَا لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي وَذَلِكَ كَمَا إذَا هَلَكَ الزَّرْعُ بِبَرَدٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعْرُوفٌ حَجَرٌ صَغِيرٌ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ يَذُوبُ بِسُرْعَةٍ أَوْ هَلَكَ بِصِرٍّ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ، وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَهُوَ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ أَوْ الْحَرُّ الشَّدِيدُ قَالَ نَاظِمُ غَرِيبِ الْقُرْآنِ:

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ صِرُّ ... حَرٌّ شَدِيدٌ وَكَذَاك الْقُرُّ

وَالْقُرُّ بِالضَّمِّ الْمَاءُ الْبَارِدُ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ " أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ " أَيْ أَبْرَدَ اللَّهُ دَمْعَتَك لِأَنَّ دَمْعَةَ السُّرُورِ بَارِدَةٌ وَدَمْعَةَ الْحُزْنِ حَارَّةٌ.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) هَلَاكُ الزَّرْعِ إنْ كَانَ بِقَحْطِ الْمَطَرِ أَوْ تَعَذُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ لِكَثْرَةِ نُبُوعِ مَاءِ الْأَرْضِ أَوْ الدُّودِ أَوْ فَأْرٍ؛ سَقَطَ كِرَاءُ الْأَرْضِ كَانَ هَلَاكُهُ فِي الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ لِطَيْرٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ جَلِيدٍ أَوْ بَرَدٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْ لِأَنَّ الزَّرِيعَةَ لَمْ تَنْبُتْ لَزِمَ الْكِرَاءُ هَلَكَ فِي الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ الْمُتَيْطِيُّ. وَمِثْلُ قَحْطِ الْمَطَرِ تَوَالِي الْمَطَرِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الِازْدِرَاعِ فِتْنَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>