للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنُقِلَ عَلَى قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْجُعْلِ: جُعْلًا عُلِمَ أَنَّ الْجَعَالَةَ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ بِجُزْءٍ مِمَّا يُقْتَضَى (أَشْهَبُ) لَا يُجِيزُهُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَنَقَلَ الشَّارِحُ مَسْأَلَةَ إعْطَاءِ السَّفِينَةِ بِجُزْءٍ عَنْ ابْنِ سِرَاجٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ جَوَابِهِ بِجَوَازِ ذَلِكَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ إذَا كَانَتْ كُلِّيَّةً حَاجِيَّةً، وَهَذَا مِنْهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ أَجَازُوا الْإِجَارَةَ بِالْجُزْءِ فِي جَمِيعِ الْإِجَارَاتِ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا اُسْتُثْنِيَ جَوَازُهُ فِي الشَّرْعِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى آخَرَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ جَوَازُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ جَوَابِ ابْنِ سِرَاجٍ مَا نَصُّهُ " أَقُولُ إنْ عُمِلَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْفُتْيَا فُتِحَتْ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ظَاهِرُهَا الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، وَنَظَرُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْفُتْيَا سَدِيدٌ، وَاحْتِجَاجُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ اهـ.

وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ حَيْثُ يُخْتَلَفْ ... فِي شَأْنِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ حَلَفْ

وَإِنْ جَرَى النِّزَاعُ قَبْلَ الْعَمَلِ ... تَحَالَفَا، وَالْفَسْخُ بَيِّنٌ جَلِيِّ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ، وَالْمَعْمُولُ لَهُ فِي شَأْنِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ الْعَامِلِ مِنْ عَمَلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ النَّاظِمُ فَقَدْ اُعْتُمِدَ عَلَى مَا هُوَ عَامٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ تَقْيِيدِ مَنْ يَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ رُدَّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ عَلَى حُكْمِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا، وَعَبَّرَ النَّاظِمُ بِالشَّأْنِ لِيَشْمَلَ الِاخْتِلَافَ فِي وُقُوعِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَعَدَمِ وُقُوعِهِ كَمَا لَوْ قَالَ رَبُّ الشَّيْءِ: لَمْ أَسْتَعْمِلْك فِيهِ وَإِنَّمَا جَعَلْته عِنْدَك وَدِيعَةً، وَيَشْمَلَ أَيْضًا الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِ الْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بَاطِلًا بِلَا أَجْرٍ، وَيَشْمَلَ أَيْضًا الِاخْتِلَافَ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، وَفِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ، وَنَوْعِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَكَأَنَّ هَذَا تَرْجَمَةٌ لِمَا بَعْدَهُ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لَهُ: فَلَوْ أَنَّ صَانِعًا عَمِلَ لِي عَمَلًا فَقُلْت لَهُ إنَّمَا عَمِلْته بَاطِلًا وَقَالَ: إنَّمَا عَمِلْته بِأَجْرٍ كَذَا قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَجْرَ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِلَّا رُدَّ إلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَمَلِ، وَادَّعَى: أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا حَلَفَ الصَّانِعُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ.

(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْعَمَلِ لَمْ أَسْتَعْمِلْك فِيهِ وَإِنَّمَا جَعَلْتُهُ عِنْدَك وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّ الصُّنَّاعَ الْأَمْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ وَلَوْ جَازَ قَوْلُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ لَذَهَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ بَاطِلًا.

(وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَقَالَ رَبُّ الْمُبْتَاعِ: آجَرْتُك بِكَذَا، وَقَالَ الصَّانِعُ: بَلْ بِكَذَا وَكِلَاهُمَا يُشْبِهُ فَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، وَلَهُ الْمُسَمَّى مِنْ الْأُجْرَةِ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَإِنْ تَخَالَفَا فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْعَمَلِ غَالِبًا.

وَإِنْ يَكُنْ فِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ ... أَوْ نَوْعِهِ النِّزَاعُ ذَا وُقُوعِ

فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ مِنْ بَعْدِ الْحَلِفْ ... وَذَاكَ فِي مِقْدَارِ أُجْرَةٍ عُرِفْ

فَإِنْ يَكُنْ مِنْهُ نُكُولٌ حَلَفَا ... رَبُّ الْمَتَاعِ وَلَهُ مَا وَصَفَا

يَعْنِي إذَا تَنَازَعَ الصَّانِعُ وَالْمَصْنُوعُ لَهُ إمَّا فِي صِفَةِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ فِي نَوْعِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الصَّانِعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَيَكُونُ لَهُ مَا قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ (قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) فَإِنْ قَالَ الْحَائِكُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَنْسِجَ ثَوْبَك ثَلَاثًا فِي سِتَّةٍ، وَقَالَ رَبُّهُ: بَلْ سَبْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>