للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِتَنْقِيَتِهَا وَالْبُنْيَانِ حَوْلَهَا وَيَذْهَبُ عَمَلُ الْعَامِلِ بَاطِلًا أَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا لُمَعٌ يَسِيرَةٌ مِنْ الشَّعْرَاءِ تَخِفُّ إزَالَتُهَا فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَاشْتِرَاطِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إقَامَةِ زَرْبٍ أَوْ حَفْرِ شِرْبٍ اهـ.

وَالشَّعْرَاءُ الشَّجَرُ الْكَثِيرُ نَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ثُمَّ أَشَارَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ إلَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيّ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الْجُعْلِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اغْرِسْ لِي شَجَرَةً فِي هَذِهِ الْأَرْضِ أُصُولًا تِينًا أَوْ كَرْمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَك فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ تَنْبُتُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى حُكْمِ الْجُعْلِ الْمَحْضِ اهـ.

وَنَائِبُ يُعْطَى لِلْعَامِلِ وَضَمِيرُ مِنْهُ لِلْغَرْسِ وَحِصَّةً مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيُعْطَى، وَبَاءُ بِكُلٍّ لِلْعِوَضِ كَمَا فِي اشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِأَلْفٍ وَفِي {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: ١٦] وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا أَرَادَ الْعَامِلُ بَيْعَ نَصِيبِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الشَّبَابِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقُومُ عَلَى الْغَرْسِ إلَى تَمَامِهِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي أَخَذَهَا هُوَ بِهِ فَنَقَلَ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ نَصِيبٌ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الشَّبَابَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ كَانُوا أَحَقَّ بِعَمَلِهِ أَوْ يَتْرُكُهُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ إنْ أَدْخَلَ فِي الْمُغَارَسَةِ غَيْرَهُ عَلَى شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ فَرَاجِعْ ذَلِكَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْخِلَافُ.

(فَرْعٌ) إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَغَارِسَيْنِ الصِّحَّةَ وَادَّعَى الْآخَرُ الْفَسَادَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقِيلَ لِمُدَّعِي الْفَسَادِ لِغَلَبَتِهِ فِي الْمُغَارَسَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

(فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ)

إنْ عَمِلَ الْعَامِلُ فِي الْمُزَارَعَهْ ... وَالْأَرْضُ مِنْ ثَانٍ فَلَا مُمَانَعَهْ

إنْ أَخْرَجَا الْبَذْرَ عَلَى نِسْبَةِ مَا ... قَدْ جَعَلَاهُ جُزْءًا بَيْنَهُمَا

كَالنِّصْفِ أَوْ كَنِصْفِهِ أَوْ السُّدُسْ ... وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ بِهِ فِي الْأَنْدَلُسْ

وَالْتَزَمْت بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ ... وَقِيلَ بَلْ بِالْبَدْءِ لِلْعِمَارَةِ

تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّرِكَةُ فِي الْحَرْثِ.

وَأَفَادَ النَّاظِمُ فِي الْأَبْيَاتِ مَسْأَلَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا) أَحَدُ صُوَرِ الْمُزَارَعَةِ الْجَائِزَةِ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرِيعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الزَّرْعِ الَّذِي يَطْلُعُ فِي الصَّيْفِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا فَالزَّرِيعَةُ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ لِوَاحِدٍ وَالثُّلُثَانِ لِآخَرَ فَعَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ الزَّرِيعَةُ وَعَلَى صَاحِب الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَاهَا.

وَهَكَذَا عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ثُمَّ مَثَّلَ الْجُزْءَ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ وَنِصْفِهِ وَهُوَ الرُّبْعُ وَبِالسُّدُسِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ النَّاظِمُ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَانِهِ وَالْأَنْدَلُسُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ جَزِيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْبَرِّ الطَّوِيلِ وَالْبَرُّ الطَّوِيلِ مُتَّصِلٌ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ الْعُظْمَى وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْأَنْدَلُسِ جَزِيرَةٌ لِأَنَّ الْبَحْرَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ جِهَاتِهَا إلَّا الْجِهَةَ الشَّمَالِيَّةَ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الشَّكْلِ وَالرُّكْنُ الشَّرْقِيُّ مِنْهَا مُتَّصِلُ بِجَبَلٍ يَسْلُكُ مِنْهُ إفْرِنْجَةُ وَلَوْلَاهُ لَاخْتَلَطَ الْبَحْرَانِ. وَحُكِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمَرَهَا بَعْدَ الطُّوفَانِ أَنْدَلُسُ بْنُ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَسُمِّيَتْ بِاسْمِهِ اهـ.

مِنْ مُخْتَصَرِ ابْنِ خِلِّكَانَ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ بَعْدَ نَحْوِ سِتَّةَ عَشَرَ وَرَقَةً مِنْ نَوَازِلِ الْأَحْبَاسِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفَضْلِ عِيَاضٍ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ أَنَّ الْأَنْدَلُسَ كَانَتْ لِلنَّصَارَى دَمَّرَهُمْ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَهَا الْمُسْلِمُونَ فَمِنْهَا مَا أُخِذَ عَنْوَةً وَمِنْهَا مَا أُخِذَ صُلْحًا ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّصَارَى وَسَكَنُوهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ اهـ.

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ أَخْرَجَا الْبَذْرَ عَلَى نِسْبَةِ إلَخْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا جَائِزٌ أَيْضًا كَمَا إذَا أَعْطَى وَاحِدٌ ثُلُثَ الزَّرِيعَةِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي الزَّرْعِ النِّصْفَ وَأَعْطَى الْآخَرَ ثُلُثَيْ الزَّرِيعَةِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَهُ فِي الزَّرْعِ النِّصْفُ أَيْضًا فَالسُّدُسُ مِنْ الزَّرِيعَةِ الَّذِي فَضَلَ بِهِ هَذَا شَرِيكَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>