للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَالْيَمِينُ ... وَقَلْبُهَا إنْ شَاءَ مُسْتَبِينُ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) إذَا اخْتَلَفَ الزَّارِعُ وَرَبُّ الْأَرْضِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الِاكْتِرَاءَ وَادَّعَى الْآخَرُ الِازْدِرَاعَ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الِاكْتِرَاء مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ.

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ وَالْعَامِلُ الْكِرَاءَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَالْعَامِلُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ قَالَ دَفَعْت الْكِرَاءَ وَلَوْ ادَّعَى الْعَامِلُ الْمُزَارَعَةَ وَرَبُّ الْأَرْضِ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبُّ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ وَرَوَى حُسَيْنُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ اهـ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فِيهِ

وَقَوْلُ مُدَّعٍ لِعَقْدِ الِاكْتِرَاءِ

يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِي الِاكْتِرَاءِ هُوَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الزَّارِعِ وَقَوْلُهُ لَا الِازْدِرَاعِ بِالْخَفْضِ عَطْفٌ عَلَى الِاكْتِرَاءِ وَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينٍ أَيْ عَلَى مُدَّعِي الِاكْتِرَاءِ أُوثِرَا أَيْ فَضُلَ خَبَرُ قَوْلٍ إلَّا أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ ثَمَّ قَوْلًا آخَرَ مَفْضُولًا فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا اخْتَلَفَ الزَّارِعُ وَرَبُّ الْأَرْضِ فِي صِفَةِ الْحَرْثِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ دَخَلْت عَلَى أَنْ تَحْرُثَ الْأَرْضَ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا وَقَالَ الزَّارِعُ إنَّمَا دَخَلْت عَلَى حَرْثِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ مَرَّاتٍ وَقَالَ الزَّارِعُ مَرَّتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وَهُوَ الزَّارِعُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْلِبَ هَذِهِ الْيَمِينَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) .

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعِمَارَةِ فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ دَخَلْت عَلَى عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَيَحْلِفُهَا وَيَكُونُ مُقْتَضَى دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ وَنُكُولُ الزَّارِعِ عَنْ الْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ عِمَارَةٌ صِفَتُهَا كَذَا وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى أَرْضٍ مُبَوَّرَةٍ أَوْ عَلَى عِمَارَةٍ صِفَتُهَا دُونَ تِلْكَ الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلْيَصْرِفْهَا إنْ شَاءَ اهـ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَوْلُهُ وَالْيَمِينُ أَيْ عَلَيْهِ وَضَمِيرُ قَلْبِهَا لِلْيَمِينِ أَيْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَفَاعِلُ شَاءَ الْعَامِلُ

[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

(فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ) اقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِي ضَبْطِ لَفْظِهَا عَلَى أَنَّهُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَحَكَى غَيْرُهُ فَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَمَا لَفَظَ بِهِ النَّاظِمُ أَوَّلَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالشَّرِكَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَعَمِّيَّةٌ وَأَخَصِّيَّةٌ (قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) الْأَعَمِّيَّةُ تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرُ مِلْكًا فَقَطْ وَالْأَخَصِّيَّةُ بَيْعُ مَالِكٍ كُلَّ بَعْضِهِ بِبَعْضِ كُلِّ الْآخَرِ مُوجِبٌ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِمَا فِي الْجَمِيعِ فَيَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ لَا شَرِكَةُ التَّجْرِ وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَكْسِ وَشَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَالْحَرْثِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي عِوَضِهِ فِي الْأُولَى يَتَبَايَنَانِ فِي الْحُكْمِ شَرِكَةُ الشَّرِيكِ بِالْأُولَى جَائِزَةٌ وَبِالثَّانِيَةِ مَمْنُوعَةٌ (قَالَ الرَّصَّاع) ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّرِكَةَ تَصْدُقُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَبِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَحَدَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَخُصُّهُ فَقَالَ فِي الْأَعَمِّيَّةِ تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ إلَخْ فَذَكَرَ جِنْسًا لِلشَّرِكَةِ وَهُوَ التَّقَرُّرُ وَهُوَ الثُّبُوتُ.

وَقَوْلُهُ مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِمُتَمَوِّلٍ كَثُبُوتِ النَّسَبِ بَيْنَ إخْوَةٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ بَيْنَ مَالِكَيْنِ مَعْمُولٌ لِتَقَرُّرِ وَأَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمَالِكَيْنِ وَقَوْلُهُ فَأَكْثَرُ أَدْخَلَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَقَوْلُهُ مِلْكًا أَخْرَجَ بِهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ كَمَا إذَا كَانَا يَنْتَفِعَانِ مِنْ حَبْسِ الْمَدَارِسِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ إلَخْ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَالِكَيْنِ يُخْرِجُهُ وَقَوْلُهُ فَقَطْ مَعْنَاهُ انْتَهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْأَخَصِّيَّةِ فَإِنَّ فِيهَا زِيَادَةَ التَّصَرُّفِ وَهَذِهِ لَا تَصَرُّفَ فِيهَا لِلشَّرِيكَيْنِ.

وَأَمَّا الْأَخَصِّيَّةُ فَقَالَ بَيْعُ مَالِكٍ جَعَلَ الْجِنْسَ بَيْعًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ الْأَخَصِّيَّةَ مِنْ الْبَيْعِ وَإِنَّ فِيهَا مُعَاوَضَةً وَالْحَدُّ يَشْمَلُ الشَّرِكَةَ الصَّحِيحَةَ وَالْفَاسِدَةَ وَقَوْلُ مَالِكٍ كُلْ بَعْضَهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا بَاعَ الْكُلَّ بِالْكُلِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرِكَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ الشَّرِكَةَ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَقَوْلُهُ بِبَعْضِ كُلّ الْآخَرِ، الْآخَرِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ أَيْ الْبَعْضُ الْآخَرُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا بَاعَ بَعْضًا بِكُلٍّ وَقَوْلُهُ مُوجِبٌ صِفَةٌ لِبَيْعٍ وَقَوْلُهُ صِحَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>