للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطَرٍ أَوْ غَرَرٍ وَتَعَامَلَا عَلَيْهِ خَرَجَا بِهِ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ الْجَائِزِ فَيُرَدُّ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَعَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ يُجْرَى الْقِرَاضُ الْفَاسِدُ كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْأَصْلِ تَنَازُعٌ اهـ.

وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ مَا يَرْجِعُ فِيهِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ مَحْصُورٌ بِالْحَدِّ وَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَصَرَ ذَلِكَ بِالْعَدِّ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ضَبَطَ عِيَاضٌ الصُّوَرَ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَّهَا تِسْعَةً وَمَا سِوَاهَا فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالتِّسْعَةُ الْقِرَاضُ بِالْعِوَضِ وَالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ وَالْقِرَاضُ عَلَى الضَّمَانِ وَالْقِرَاضُ بِجُزْءٍ مُبْهَمٍ وَالْقِرَاضُ بِدَيْنٍ يَقْبِضُهُ الْمُقَارَضُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْقِرَاضُ عَلَى شِرْكٍ فِي الْمَالِ وَالْقِرَاض عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى إلَّا سِلْعَةُ كَذَا لِمَا لَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ فَاشْتَرَى غَيْرَ مَا أَمَرَ بِهِ وَالْقِرَاضُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا بِدَيْنٍ فَيُشْتَرَى بِنَقْدٍ وَالْقِرَاضُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهِ قَالَ وَمِمَّا جُعِلَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الْكِتَابِ مَسْأَلَةٌ عَاشِرَةٌ لَيْسَتْ مِنْ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ وَهِيَ إذَا اخْتَلَفَا وَأَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ وَحَلَفَا وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ فِيهَا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ فَقَالَ

لِكُلِّ قِرَاضٍ فَاسِدٍ أَجْرُ مِثْلِهِ ... سِوَى تِسْعَةٍ قَدْ فُصِّلَتْ بِبَيَانِ

قِرَاضٌ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَرْضٍ وَمُبْهَمٍ ... وَبِالشِّرْكِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ بِضَمَانِ

وَلَا تَشْتَرِي إلَّا بِدَيْنٍ فَيَشْتَرِي ... بِنَقْدٍ وَأَنْ يَبْتَاعَ عَبْدَ فُلَانِ

وَيَتَّجِرْ فِي أَثْمَانِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ ... فَهَذِي إذَا عُدَّتْ تَمَامُ ثَمَانِ

وَلَا تَشْتَرِي مَا لَا يَقِلُّ وُجُودُهُ ... فَيَشْرِي سِوَاهُ اسْمَعْ بِحُسْنِ بَيَانِ

كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَإِنَّهُ ... خَبِيرٌ بِمَا يُرْوَى فَصِيحُ لِسَانِ

وَزَادَ ابْنُ رُشْدٍ حَادِيَةَ عَشْرَةَ وَهِيَ أَنْ يُعْطِيَهُ دَنَانِيرَ يَصْرِفُهَا ثُمَّ يَتَّجِرُ بِثَمَنِهَا اهـ.

وَإِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَعُرُوض إنْ تُوَلِّي بَيْعَهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى دَيْنٍ أَوْ لِيَصْرِفَ ثُمَّ يَعْمَلَ فَأَجْر مِثْله فِي تَوَلِّيه ثُمَّ قِرَاض مِثْله فِي رِبْحِهِ كَلَكَ شِرْكٌ وَلَا عَادَةٌ أَوْ مُبْهَمٌ، أَوْ أَجَلٌ، أَوْ ضِمْنٌ، أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ اهـ. إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ كَلَكَ شِرْكٌ وَلَا عَادَةٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مُبْهَمٍ تَكْرَارٌ عَلَى مَا عِنْدَ الْمَوَّاق

[بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا]

(بَابُ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا) عَقَدَ الشَّيْخُ هَذَا الْبَابَ مَعَ مَا انْدَرَجَ تَحْتَهُ مِنْ الْفُصُولِ لِلْكَلَامِ عَلَى التَّبَرُّعَاتِ وَمَا قَارَبَ مَعْنَاهَا وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا مُنَاسَبَةَ هَذَا الْبَابِ لِمَا بَعْدَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَهَكَذَا إلَى بَابِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْهُ فِيهِ إنْ شِئْت (قَالَ الرَّصَّاع فِي شَرْحِ الْحُدُودِ) بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُعَبِّرُ بِالْحَبْسِ وَبَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ بِالْوَقْفِ مُتَرَادِفَانِ.

وَهُمَا لَفْظَانِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْوَقْفِ عِنْدَهُمْ أَقْوَى فِي التَّحْبِيسِ يُقَالُ وَقَفَهُ وَأَوْقَفَهُ وَيُقَالُ حَبَسْته وَالْحَبْسُ يُطْلَقُ عَلَى مَا وُقِفَ يَعْنِي الشَّيْءَ الْمَوْقُوفَ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْإِعْطَاءُ وَكَذَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ فَذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى عَادَتِهِ الْحَدَّيْنِ فَقَالَ فِي الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ إعْطَاءُ مَنْفَعَةٍ شَيْءٌ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِمٌ بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيه وَلَوْ تَقْدِيرًا قَوْلُهُ مَنْفَعَةٌ أَخْرَجَ بِهِ إعْطَاءَ الذَّاتِ كَالْهِبَةِ. قَوْلُهُ: شَيْءٌ يُرِيدُ مُتَمَوَّلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ. وَقَوْلُهُ: مُدَّةَ وُجُودِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةَ وَالْعُمْرَى وَالْعَبْدَ الْمُخَدَّمَ حَيَاتَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَخُرُوجُ الْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مُدَّةَ وُجُودِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ خَرَجَ أَيْضًا لِأَنَّ اللُّزُومَ فِي بَقَاءِ الْمِلْكِ يُخْرِجُهُ وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ لِعَدَمِ لُزُومِهِ فِي بَقَاءِ مِلْكِ مُعْطِيهِ لِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالرِّضَا فَخَاصِّيَّةُ الْحَبْسِ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهِ مُطْلَقًا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَقْدِيرًا أَيْ وَلَوْ كَانَ اللُّزُومُ أَوْ الْمِلْكُ تَقْدِيرًا فَلُزُومُ بَقَاءِ الْمِلْكِ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمِلْكِ تَقْدِيرًا فَلَيْسَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْحَبْسِ وَأَمَّا حَدُّهُ الْأَسْمَى فَهُوَ مَا أُعْطِيت مَنْفَعَتُهُ إلَخْ.

وَبَيَانُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَصْدَرِيِّ وَكَلَامُ الشَّيْخِ صَرِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>