للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْمُوعَةِ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَنَّ مَنْ كَتَبَ إلَيْهِ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَضَاءِ فِي فَهْمِهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ غَيْرُ مَخْدُوعٍ قَبِلَ كِتَابَتَهُ (قَالَ) ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَشْهَبَ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ الْعَدْلُ إنَّ ابْنِي ثَبَتَ لَهُ عِنْدِي بَيِّنَةُ كَذَا لَمْ يَقْبَلْهُ، وَكَانَ كَالشَّاهِدِ لَهُ فَإِنْ أَجَازَهُ لَمْ يَفْسَخْهُ مَنْ وُلِّيَ بَعْدَهُ

وَفِي الْأَدَاءِ عِنْدَ قَاضٍ حَلَّ فِي ... غَيْرِ مَحَلِّ حُكْمِهِ الْخُلْفُ اُقْتُفِيَ

وَمَنْعُهُ فِيهِ الْخِطَابَ الْمُرْتَضَى ... وَسَوَّغَ التَّعْرِيفَ بَعْضُ مَنْ مَضَى

ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ثَلَاثَ مَسَائِلَ مُتَنَاسِبَةَ الْمَعْنَى، وَهِيَ إذَا حَلَّ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ هُنَالِكَ بَيِّنَةً شَاهِدَةً بِحَقٍّ لِمَنْ يَكُونُ فِي وِلَايَتِهِ وَتُؤَدَّى شَهَادَتُهَا عِنْدَهُ هُنَالِكَ أَوْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُخَاطِبَ رَسْمًا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِمَوْضِعِ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يُخَاطِبْهُ هُنَالِكَ وَافْتَقَرَ إلَى خِطَابِهِ هُنَا أَوْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَ قَاضِي مَوْضِعِ حُلُولِهِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الرَّسْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ خِطَابِهِ إيَّاهُ؟

وَنَقَلَ النَّاظِمُ الْخِلَافَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْخِطَابِ هُوَ الْمُرْتَضَى (قَالَ الشَّارِحُ) وَمَا ضَمَّنَهُ الشَّيْخُ فِي الْبَيْتَيْنِ هُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ ابْنِ الْحَكَمِ إنْ حَلَّ قَاضٍ مَحَلًّا بِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَةً عَلَى مَنْ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى كِتَابِهِ بِذَلِكَ إلَى أَحَدٍ، وَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَالِ بَيِّنَةٍ شُهِدَتْ عِنْدَهُ. (وَفِي كِتَابِ مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ) إنْ بَعَثَ الْإِمَامُ الْقَاضِيَ لِبَعْضِ الْأَمْصَارِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ فَحَلَّ بِهِ - فَلَهُ أَنْ يَسْمَعَ فِيهِ بَيِّنَةً بِحَقٍّ عَلَى غَائِبٍ فِي عَمَلِهِ، وَيَسْأَلُ مَنْ قَامَ بِهَا تَعْدِيلَهَا وَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ قَاضِيَ ذَلِكَ الْمِصْرِ عَنْهُمْ وَيَجْتَزِي بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ عَدَالَتِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَهُ بِذَلِكَ الْمِصْرِ لِلْمُخَاصَمَةِ عِنْدَهُ وَمَا يَخْتَصِمَانِ فِيهِ فِي بَلَدِ الْقَاضِي الْغَائِبِ عَنْ قُطْرِهِ لَمْ يَنْظُرْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ كَتَرَاضِيهِمَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، وَبَعْضُ جَوَابِ أَصْبَغَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (وَسَأَلْت) ابْنَ عَتَّابٍ عَنْ قَاضٍ حَلَّ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِبَلَدِهِ حَقٌّ لِرَجُلٍ فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ قَاضِيَ مَوْضِعِ الْمَطْلُوبِ، قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ خِطَابُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُنَفِّذَ.

(قُلْت لَهُ) فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ الثَّابِتُ عِنْدَهُ بِبَلَدِهِ عَلَى مَنْ هُوَ بِمَوْضِعِ احْتِلَالِهِ فَأَعْلَمَ قَاضِيَ الْمَوْضِعِ بِذَلِكَ مُشَافَهَةً بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَيَكُونُ كَمُخَاطَبَتِهِ بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَيْسَ مِثْلَهُ (قُلْت) مَا يَمْنَعُهُ مِنْ إخْبَارِهِ بِهِ وَيَشْهَدُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ وَيُنَفِّذُهُ كَمَا يَشْهَدُ بِمَا يَجْرِي فِي مَجْلِسِهِ مِنْ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ وَيَقْضِي بِهِ؟ ، قَالَ: لَيْسَ مِثْلَهُ وَلَكِنْ إنْ أَشْهَدَ هَذَا الْقَاضِي الْمُخْبِرُ بِذَلِكَ شَاهِدَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ وَشَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضِي الْمَوْضِعِ نَفَذَ وَجَازَ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَرَأَيْت فُقَهَاءَ طُلَيْطِلَةَ يُجِيزُونَ إخْبَارَ الْقَاضِي الْمُحْتَلِّ بِذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُنَفَّذُ وَيَرَوْنَهُ كَمُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُ. (قَالَ الشَّارِحُ) فَمَعْنَى الْبَيْتِ الْأَوَّلِ هُوَ مُقْتَضَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَمَنْعُ الْخِطَابِ هُوَ مُرْتَضَى ابْنِ عَتَّابٍ وَالتَّعْرِيفُ هُوَ الَّذِي أَسْنَدَ ابْنُ سَهْلٍ لِفُقَهَاءِ طُلَيْطِلَةَ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَةَ الْعَمَلُ عِنْدَ قُضَاةِ الْجَمَاعَةِ بِالْحَضْرَةِ اهـ.

فَقَوْلُ النَّاظِمِ: (فِي الْأَدَاءِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَعِنْدَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَدَاءِ وَجُمْلَةُ حَلَّ صِفَةٌ لِقَاضٍ وَالْخُلْفُ مُبْتَدَأٌ وَاقْتُفِيَ صِفَةٌ. (الْخُلْفُ) (وَمَنْعُهُ) مُبْتَدَأٌ. (وَالْخِطَابَ) مَفْعُولُ (مَنْعُ) مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ الْمُرْتَضَى.

وَقَوْلُهُ: بَعْضُ مَنْ مَضَى يُفْهِمُ الْخِلَافَ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ يُغْنِي) الْبَيْتَيْنِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُمَا إثْرَ قَوْلِهِ: (وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ عَلَى قَبُولِ مَا) الْبَيْتَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ أَنْسَبُ لَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَيُثْبِتُ الْقَاضِي عَلَى الْمَحْوِ وَمَا ... أَشْبَهَهُ الرَّسْمَ عَلَى مَا سَلِمَا

يَعْنِي أَنَّ الرَّسْمَ إذَا كَانَ بِهِ مَحْوٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ حَرْقُ نَارٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي تَصْحِيحَهُ أَوْ الْخِطَابَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ قُضَاةٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُصَحِّحُ وَيُخَاطِبُ بِمَا سَلِمَ مِنْ فُصُولٍ لَا عَلَى جَمِيعِهِ. (قَالَ الشَّارِحُ) وَيَنُصُّ فِي كِتَابِهِ عَلَى مُنْتَهَى مَا اُبْتُدِئَ بِهِ الْمَحْوُ أَوْ الْبَشْرُ وَمُبْتَدَأُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ اهـ أَيْ الْكَلِمَةُ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>