للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ: وَفِي سِوَى الْأُصُولِ، هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: " وَالْأَجْنَبِيُّ "، إنْ يَحُزْ أَصْلًا، وَمُرَادُهُ أَنَّ حَوْزَ غَيْرِ الْأُصُولِ يَخْتَلِفُ، أَيْ الْمُدَّةُ الَّتِي يَصْدُقُ مَعَهَا الْحَائِزُ، وَتَصِيرُ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرَ مُشْبِهَةٍ، فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ، تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمَحُوزِ، فَالْمَحُوزِ فِي اللِّبَاسِ بِالْعَامِ وَالْعَامَيْنِ، وَفِي الْمَرْكُوبِ بِالْعَامَيْنِ، فَأَكْثَرَ، وَفِي الْعَبِيدِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَالْأَمَةُ لِلْخِدْمَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ وَطِئَهَا الْحَائِزُ، وَعَلِمَ رَبُّهَا، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ بَطَلَ، وَذَلِكَ حَوْزٌ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : قَالَ: أَصْبَغُ وَنَرَاهُ، أَيْ الْحَوْزَ فِي غَيْرِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالْأُصُولِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَبِيدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَقْصَرُ مُدَّةٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِهِ، فَنَرَى فِي الثِّيَابِ، أَنَّ حِيَازَتَهَا السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ إذَا كَانَتْ تُحَازُ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِعِلْمِ صَاحِبِهَا وَنَرَى الْأَمَةَ شِبْهَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَطَأَ بِعِلْمِ صَاحِبِهَا فَلَا يَتَكَلَّمُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِوَطْئِهَا، فَلَا كَلَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ حِيَازَتُهُ لَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، وَنَرَى الْعَبِيدَ وَالْعُرُوضَ فَوْقَ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا حَازَ بِالْمِلْكِ وَأَسْبَابِهِ (وَفِي الْمُفِيدِ) قَالَ: أَصْبَغُ، وَأَمَّا الثِّيَابُ، فَالْحِيَازَةُ فِيهَا بِوَجْهِ الْمِلْكِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ حَاضِرٍ عَالِمٍ بِذَلِكَ، الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ، وَفِي الدَّابَّةِ الْعَامَانِ وَالثَّلَاثَةُ بِالرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَهَا بِوَجْهِ الْمِلْكِ وَعِلْمِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ وَالْأَمَةُ مِثْلُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ رَبُّهَا وَطْأَهَا وَلَا يَتَكَلَّمُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَا كَلَامَ لَهُ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طُولَ حِيَازَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالْعَبِيدُ وَالْعُرُوضُ فَوْقَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ اهـ.

وَحَوْزُ النَّاسِ: مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ، وَبِالْعَامِ خَبَرُهُ، وَفِي اللِّبَاسِ يَتَعَلَّقُ بِحَوْزٍ، وَحُصُولُ الْحَوْزِ: مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَفِي الْعَبِيدِ: يَتَعَلَّقُ بِحَوْزٍ وَبِثَلَاثَةٍ: خَبَرُ حُصُولٍ، وَفِيمَا اُسْتُخْدِمَ: بَدَلٌ مِنْ الْعَبِيدِ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، أَيْ فِيمَا اُسْتُخْدِمَ مِنْهُمْ لَا فِيمَا هُوَ لِلْوَطْءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَالْوَطْءُ لِلْإِمَاءِ إلَخْ، وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ قَامَ رَبُّهَا بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ

وَالْمَاءُ لِلْأَعْلَيْنَ فِيمَا قَدُمَا ... وَالْأَسْفَلُ الْأَقْدَمُ فِيمَا قُدِّمَا

يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ، إذَا كَانَ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ دُونَهُمْ، فَإِنَّ الْأَعْلَى، وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ الْمَاءُ أَرْضَهُ أَوَّلًا، مُقَدَّمٌ فِي السَّقْيِ عَلَى الْأَسْفَلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَعْلَى أَقْدَمَ مِنْ الْأَسْفَلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالشَّطْرِ الْأَوَّلِ وَكَذَا إنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، فَيُقَدَّمُ الْأَعْلَى فِي الْوَجْهَيْنِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَسْفَلُ أَقْدَمَ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي السَّقْيِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالشَّطْرِ الثَّانِي (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) : فَأَمَّا مَهْزُورٌ وَمُذَيْنِيبٌ، فَوَادِيَانِ مَعْرُوفَانِ مِنْ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ يَسِيلَانِ بِالْمَطَرِ تَنَافَسَ فِيهِمَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ «، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُمْسِكَ الْأَعْلَى لِلْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسِلَ عَلَى الْأَسْفَلِ» .

وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَاءٍ غَيْرِ مُتَمَلَّكٍ يَجْرِي مِنْ قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ دُونَهُمْ، أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَاءُ أَرْضَهُ أَوَّلًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِالسَّقْيِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ فِي أَرْضِهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ، هَلْ يُرْسِلُ جَمِيعَ الْمَاءِ إلَى أَسْفَلَ، أَوْ لَا يُرْسِلُ عَلَيْهِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ؟ فَقَالَ: مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ يُرْسِلُ عَلَى الْأَسْفَلِ مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ وَقَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ يُرْسِلُ جَمِيعَ الْمَاءِ وَلَا يَحْبِسُ مِنْهُ شَيْئًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ يُسْقَى الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، وَهَذَا إذَا كَانَ إحْيَاؤُهُمْ مَعًا أَوْ إحْيَاءُ الْأَعْلَى قَبْلُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنْ أَحْيَا رَجُلٌ بِمَاءِ سَيْلٍ، ثُمَّ أَتَى غَيْرُهُ، فَأَحْيَا فَوْقَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْمَاءِ، وَيَسْقِيَ قَبْلَ الْأَسْفَلِ الَّذِي أَحْيَا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ عَمَلَ الثَّانِي، وَيُتْلِفُ زَرْعَهُ فَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَدِيمُ أَوْلَى بِالْمَاءِ اهـ. عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاق، وَقَدُمَ آخِرُ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الدَّالِ مِنْ الْقِدَمِ، ضِدُّ الْحُدُوثِ وَفِي آخِرِ الشَّطْرِ الثَّانِي، بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ مِنْ التَّقْدِيمِ ضِدٌّ لِلتَّأْخِيرِ

وَمَا رَمَى الْبَحْرُ بِهِ مِنْ عَنْبَرِ ... وَلُؤْلُؤٍ وَاجِدُهُ بِهِ حَرِيّ

يَعْنِي، أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا، لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ كَمَنْ وَجَدَ عَنْبَرًا لَفَظَهُ الْبَحْرُ أَوْ لُؤْلُؤًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>