للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَمَوَّلُ الْمَدْفُوعُ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ حَالَةَ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَا عَاجِلًا، أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَوْلَا الزِّيَادَةُ، وَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَيْ دُفِعَ لِأَجْلِ تَفَضُّلِ الْمُقْرِضِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا قُصِدَ بِدَفْعِهِ نَفْعُهُمَا مَعًا أَوْ نَفْعُ الْمُقْرِضِ أَوْ نَفْعُ أَجْنَبِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قُصِدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ

الْقَرْضُ جَائِزٌ وَفِعْلٌ جَارِ ... فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ فِي الْجَوَارِي

وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَهْ ... وَحَاكِمٌ بِذَاكَ كُلٌّ مَنَعَهْ

وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ يُرَدَّا ... قَبْلَ انْقِضَاءِ أَجَلٍ قَدْ حُدَّا

وَإِنْ رَأَى مُسَلِّفٌ تَعْجِيلَهُ ... أُلْزِمَ مَنْ سَلَّفَهُ قَبُولَهُ.

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْأُولَى) : أَنَّ الْقَرْضَ أَيْ السَّلَفَ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْجَوَارِي، فَلَا يَجُوزُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَغَيْرَ بِمَعْنَى إلَّا وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ جَارِيَةً جَازَ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْنِهَا إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، فَإِنْ رَدَّهَا فَقَدْ آلَ أَمْرُهُمَا إلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ جَارِيَةً اسْتَمْتَعَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ رَدَّهَا لَهُ، وَهُوَ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ.

(قَالَ الشَّارِحُ فِي تَمْهِيدِ ابْنِ فَتْحُونٍ) الْقَرْضُ فِعْلُ خَيْرٍ وَبِرٍّ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ تَحْصُرُهُ صِفَتُهُ سِوَى الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ لِلْمُقْرِضِ فِي كُلِّ شَيْءٍ اقْتَرَضَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْمَغِيبِ عَلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ.

وَيَلْزَمُ الْمُقْرِضَ أَخْذُهُ مِنْهُ، فَلَوْ أُجِيزَ الْقَرْضُ فِي الْإِمَاءِ، لَكَانَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِجَارِيَةِ غَيْرِهِ أَنْ يَقْتَرِضَهَا مِنْهُ، فَيَطَأَهَا مَا شَاءَ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ، وَإِبَاحَةِ وَطْئِهَا بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، فَسُدَّ هَذَا الْبَابُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَقْتَرِضَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٌ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا لِسَلَامَةِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ الْمَحْظُورَةِ ا. هـ.

فَإِذَا اقْتَرَضَ أَمَةً رَدَّهَا مَا بَطَّأَهَا ابْنُ يُونُسَ، فَإِنْ فَاتَتْ بِالْوَطْءِ، فَالْأَصْوَبُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا لَا رَدَّ مِثْلِهَا. اهـ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْقَرْضِ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ جَرَّ لَهُ مَنْفَعَةً لَمْ يَجُزْ كَسَلَفِهِ قَمْحًا قَدِيمًا لِيَرُدَّ لَهُ جَدِيدًا أَوْ سَائِسًا أَوْ عَفِنًا لِيَرُدَّ لَهُ جَيِّدًا (قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ) : لَا يَجُوزُ سَلَفُ الطَّعَامِ السَّائِسِ، وَلَا الْعَفِنِ، وَلَا الْقَدِيمِ، لِيَأْخُذَ جَدِيدًا إلَّا إنْ نَزَلَتْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ، فَسَأَلُوا رَبَّ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ إذْ الْمَنْفَعَةُ لَهُمْ دُونَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ حِينَئِذٍ بَاعَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يُؤَدُّونَهُ يَكُونُ وَقْتَ الْأَدَاءِ أَرْخَصَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِسٍ، وَلَا مَعْفُونٍ. اهـ.

وَإِلَى هَذِهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي فَقَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَهْ أَيْ لِلْمُقْرِضِ، وَقَوْلُهُ: وَحَاكِمٌ بِذَاكَ كُلٌّ مَنَعَهْ شَرَحَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَالْحَاكِمُ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ كُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى مَنْعِهِ اهـ.

، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ حَاكِمٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، وَمَعْنَاهُ الْمُؤَدِّي، وَالْمُوَصِّلُ، وَبَاءُ بِذَاكَ لِلْغَايَةِ عَلَى حَدٍّ " وَقَدْ أَحْسَنَ بِي " أَيْ إلَيَّ وَالْإِشَارَةُ لِجَرِّ الْمَنْفَعَةِ، وَالتَّقْدِيرُ، وَالْقَرْضُ الْمُؤَدِّي وَالْمُوَصِّلُ إلَى جَرِّ الْمَنْفَعَةِ كُلُّ الْفُقَهَاءِ مَنَعَهُ، وَلَمْ يُجِزْهُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) : أَنَّ الْقَرْضَ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ مَحْدُودٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْتَرِضَ رَدُّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُقْتَرِضُ، وَهُوَ الْمِدْيَانُ تَعْجِيلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ إلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْتَيْنِ (قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ) : لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي قَرْضِهِ مُنِعَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْعَادَةِ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) إذَا كَانَ لَك دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ إلَى أَجَلٍ، فَعَجَّلَهَا لَك قَبْلَ الْأَجَلِ جُبِرَتْ عَلَى أَخْذِهَا كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ انْتَهَى. وَفِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ مُؤَجَّلٍ، فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>