للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصِيبُ شَرِيكِهِ يَدْفَعُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّصِيبِ لِلشَّرِيكِ، وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ وَلِتَقْوِيمِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ شُرُوطٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: فِي الْيُسْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَيُسْرُهُ بِأَنْ تَفْضُلَ لَهُ الْقِيمَةُ عَنْ قُوتِهِ الْأَيَّامَ وَكِسْوَةِ ظَهْرٍ كَالْمَدِينِ، وَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلُهُ وَشَوَارِبِيَّتُهُ، وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ إلَّا فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ سَرَى الْعِتْقُ فِي ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ عَلَى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ.

الثَّانِي: أَنْ يَحْصُلَ عِتْقُ الْجُزْءِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِسَبَبِهِ فَلَوْ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ قَرِيبِهِ لَمْ يَسْرِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ سَرَى.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِي لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا لَمْ يُقَوَّمْ، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً، فَالتَّقْوِيمُ عَلَى الْأَوَّلِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَلَا تَقْوِيمَ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ ذَكَرهَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَرَاجِعْهَا فِي التَّوْضِيحِ إنْ شِئْتَ.

(فَرْعٌ) قَدْ يَجْتَمِعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي الْبَيْتَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَنْ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ، فَأَعْتَقَ رُبْعَهُ، فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ الرُّبْعُ الْآخَرُ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ النِّصْفُ الَّذِي لِشَرِيكِهِ.

وَعِتْقُ مَنْ سَيِّدُهُ يُمَثِّلُ ... بِهِ إذَا مَا شَانَهُ يُبَتِّلُ

أَشَارَ بِالْبَيْتِ لِمَسْأَلَةِ قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ: وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقَةٍ عَمْدًا مُثْلَةَ شَيْنٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَطْعُ الْأُنْمُلَةِ وَالظُّفْرِ، وَشَقُّ الْأُذُنِ شَيْنٌ، وَوَسْمُ وَجْهِهِ بِالنَّارِ شَيْنٌ، وَفِي ذِرَاعِهِ وَشِبْهِهِ لَيْسَ بِشَيْنٍ، وَفِي وَشْمِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ النَّارِ قَوْلَانِ، وَقَلْعُ الْأَسْنَانِ، وَسَحْلُهَا أَيْ بَرْدُهَا شَيْنٌ، وَفِي السِّنِّ الْوَاحِدَةِ قَوْلَانِ، وَحَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ، وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت إنْ أَحْرَقَ رَجُلٌ جَسَدَ عَبْدِهِ بِالنَّارِ فَقَالَ: هَذِهِ مُثْلَةٌ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ كَوَاهُ عَلَى وَجْهِ الْعِلَاجِ لِلْعَبْدِ، فَلَا عِتْقَ لَهُ.

وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ كَوَتْ فَرْجَ جَارِيَتِهَا بِالنَّارِ؟ فَقَالَ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ لَهَا، فَانْتَشَرَ وَسَاءَ مَنْظَرُهُ أُعْتِقَتْ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَيْبَسْ، وَيَقْبُحْ مَنْظَرُهُ فَلَا عِتْقَ لَهَا.

(قَالَ سَحْنُونٌ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِأُمِّ وَلَدِهِ أُعْتِقَتْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ لِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مَثَّلَ بِعَبْدِ عَبْدِهِ أُعْتِقَا عَلَيْهِ. قُلْت لَهُ: فَإِنْ مَثَّلَ بِمُكَاتَبِهِ، مِثْلُ أَنْ يَجْرَحَهُ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى جُرْحِهِ أَنْ لَوْ جَرَحَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْجُرْحِ وَالْكِتَابَةِ سَوَاءً أُعْتِقَ الْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْكِتَابَةِ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ أُعْتِقَ الْعَبْدُ.

(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ مُكَاتَبِهِ كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً فَاسِدَةً يَضْمَنُهُ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.

(قَالَ مَالِكٌ) : وَمَنْ خَصَى عَبْدَهُ أُعْتِقَ عَلَيْهِ (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ أُعْتِقَ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِوَلَدِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ، وَهُوَ مَلِيٌّ جَازَ عِتْقُهُ فِيهِمْ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُمْ، وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ امْرَأَتِهِ عُوقِبَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً فَاسِدَةً، فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُمْ، وَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَمْدِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْعِقَابِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ، وَمَا قُصِدَ بِهِ الْمُدَاوَاةُ وَالْعِلَاجُ أَوْ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَلَيْسَ بِصَرِيحِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْذِفَ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ، فَيَبِينَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ عُضْوٌ، فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَصَابَ بِهِ الْمَرْءَ عَبْدَهُ عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدٍ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ أَوْ يَكْسِرَ يَدَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْقَطْعِ وَالشَّلَلِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا أَيْضًا إذَا كَانَ الَّذِي مَثَّلَ بِعَبْدِهِ رَشِيدًا لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، أَمَّا إنْ كَانَ سَفِيهًا، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي مُثْلَةِ السَّفِيهِ قَوْلَانِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: عَلَيْهِ عِتْقٌ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَانْظُرْ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحَ عَلَى مُثْلَةِ الزَّوْجَةِ لِعَبْدِهَا وَالْعَبْدِ وَالْمِدْيَانِ بِعَبْدَيْهِمَا وَقَوْلُ النَّاظِمِ عِتْقُ هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَمَنْ: وَاقِعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>