للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاظِمِ فِيمَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، فَالْأَوَّلُ يَسْتَأْنِفُ حَجْرَهُ، وَالثَّانِي يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّة) وَإِذَا كَانَ الْيَتِيمُ فَاسِقًا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ نَاظِرًا لِنَفْسِهِ ضَابِطًا لِمَالِهِ وَجَبَ إطْلَاقُهُ مِنْ الْوِلَايَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ فِي دِينِهِ وَالِاسْتِقَامَةِ فِي أَحْوَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِي مَالِهِ لَمْ يَجِبْ إطْلَاقُهُ مِنْ الْوِلَايَةِ.

وَمَنْ كَانَ بِحَالِ تَبْذِيرٍ وَضَعْفِ نَظَرٍ فِي مَالِهِ مِمَّنْ لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهِ وَكَانَ صَالِحًا فِي دِينِهِ وَجَبَ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ كَانَ فَاسِقًا فِي دِينِهِ حَسَنَ النَّظَرِ فِي مَالِهِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ إنَّمَا هُوَ لِضَبْطِ الْمَالِ لَا لِفَسَادِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ فَسَادَ أَحْوَالِ الرَّجُلِ لَا تَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِذَا بَذَّرَ مَالَهُ وَأَتْلَفَهُ صَارَ عَالَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَرَجَعَتْ نَفَقَتُهُ إلَى بَيْتِ مَالِهِمْ فَوَصَلَ بِتَبْذِيرِهِ إلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ضَرَرٌ فَلِهَذَا ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ وَبِهَذَا الْفُتْيَا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. اهـ.

وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَمَنْ كَانَ بِحَالِ تَبْذِيرٍ وَضَعْفِ نَظَرٍ إلَخْ، وَبِالْبَيْتِ الثَّانِي لِقَوْلِهِ: وَمَنْ كَانَ فَاسِقًا فِي دِينِهِ إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْأَوَّلِ: حُجِرَا، وَقَوْلِهِ فِي الثَّانِي: لَنْ يُحْجَرَا إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ لَا حَجْرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ.

وَاسْتَغْنَى النَّاظِمُ بِهَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ عَنْ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُمَا فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَهُمَا إطْلَاقُ مَنْ يُجِيدُ النَّظَرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْضِيِّ الْحَالِ وَاسْتِصْحَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ لَا يُجِيدُ النَّظَرَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَمُ إجَادَةِ النَّظَرِ فِي الْمَالِ مِنْ الصَّالِحِ مُوجِبًا لِاسْتِئْنَافِ حَجْرِهِ فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِاسْتِدَامَتِهِ وَإِذَا كَانَ تَثْمِيرُ الْمَالِ حَتَّى مِنْ غَيْرِ مَرْضِيِّ الْحَالِ مَانِعًا مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَجْرِ فَكَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ اسْتِصْحَابِهِ مِنْ بَابِ لَا فَارِقَ قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلِلْوَصِيِّ جَائِزٌ أَنْ يَتَّجِرَا ... لَكِنَّهُ يَضْمَنُ مَهْمَا غَرَّرَا

يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَلَا يُغَرِّرَ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ ضَمِنَهُ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتَامَى وَيُزَوِّجَ إمَاءَهُمْ يَعْنِي أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُمْ وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ قِرَاضًا لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَقِيلَ: الرِّبْحُ لَهُمْ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الرِّبْحُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْخَسَارَةُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مَلِيًّا فَالرِّبْحُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالرِّبْحُ لِلْأَيْتَامِ. اهـ.

وَفِي طُرَرِ (ابْنِ عَاتٍ) رَأَيْتُ لِبَعْضِ الْمُفْتِينَ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا كَانَ أَخًا لِلْيَتَامَى وَكَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا فَتَجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ، قَالَ حَسَنٌ أَنْ يُوَاسِيَ مِنْهُ الْيَتَامَى وَفِي (الْمُقَرَّبِ) فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ وَسَأَلْتُ عِيسَى عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلْهَا الزَّكَاةُ، يَعْنِي: أَنْ يُقَارِضَ بِمَالِ الْيَتَامَى أَهْلَ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ أَوْ يَبْضَعَ مَعَهُمْ فَتَكُونُ زَكَاةُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ قَالَ وَيُكْرَهُ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ قِرَاضًا لِنَفْسِهِ قَالَ يَحْيَى: قُلْتُ: لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ قَالَ: إنْ أَخَذَهُ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَغُشَّ الْيَتِيمَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ ذَهَبَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. وَجَائِزٌ مُبْتَدَأٌ، وَلِلْوَصِيِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَأَنْ يَتَّجِرَ فِي مَحَلِّ رَفْعِ فَاعِلٍ بِجَائِزٍ، وَمُتَعَلِّقُ يَتَّجِرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ بِمَالِ الْيَتِيمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: لِلْقَاضِي أَنْ يَعْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ اهـ.

وَعِنْدَمَا يَأْنُسُ رُشْدَ مَنْ حُجْر ... يُطْلِقُهُ وَمَالَهُ لَهُ يَذَرْ

وَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ تَصَدَّى ... أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ لَأَنْ تَعَدَّى

يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا آنَسَ وَأَبْصَرَ وَرَأَى مِنْ مَحْجُورِهِ الرُّشْدَ وَحُسْنَ الْحَالِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي حَقِّهِ أَنْ يُرْشِدَهُ وَيُطْلِقَهُ مِنْ ثِقَافِ الْحَجْرِ وَيُعْطِيَهُ مَالَهُ وَيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَضَاعَ الْمَالُ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ بِعَدَمِ تَرْشِيدِ الْمَحْجُورِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>