للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُدَّعِيهَا. وَقَالَ: لَا يُقَالُ إلَّا لِعُذْرٍ بَيِّنٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» وَلِقَوْلِهِ «أَلَا تَرَكْتُمُوهُ» وَهُوَ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ اهـ فَصَرَّحَ فِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ بِالْغُرْمِ إذَا رَجَعَ لِشُبْهَةٍ وَقَوْلِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ وَيَغْرَمُ الْمِائَةَ لِمُدَّعِيهَا فِيهِ إجْمَالٌ: هَلْ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا؟ وَهَلْ قُطِعَ أَوْ لَا؟

وَكُلُّ مَا سُرِقَ وَهُوَ بَاقِ ... فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِاتِّفَاقِ

وَحَيْثُمَا السَّارِقُ بِالْحُكْمِ قُطِعْ ... فَبِاَلَّذِي سَرَقَ فِي الْيُسْرِ اتُّبِعْ

يَعْنِي أَنَّهُ مَهْمَا وُجِدَ الشَّيْءُ الْمَسْرُوقُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ لِصَاحِبِهِ سَوَاءٌ قُطِعَ السَّارِقُ أَوْ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ إنْ قُطِعَ السَّارِقُ اُتُّبِعَ بِالسَّرِقَةِ فِي يُسْرِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِهَا فِي عُسْرِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَحَيْثُمَا السَّارِقُ بِالْحُكْمِ قُطِعْ

الْبَيْتَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُقْطَعْ اُتُّبِعَ بِهَا مُطْلَقًا فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْيُسْرِ الَّذِي يَجِبُ مَعَهُ غُرْمُ السَّرِقَةِ أَنْ يَتَّصِلَ يُسْرُهُ مِنْ حِينِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ، فَإِنْ كَانَ حِينَئِذٍ مُعْسِرًا أَوْ أُعْسِرَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَمْ يَغْرَمْهَا. (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَسْرُوقَةَ إذَا وُجِدَتْ بِعَيْنِهَا قَائِمَةً بِيَدِ السَّارِقِ أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا بِإِجْمَاعٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ نَقْلِهِ خِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إتْبَاعِ السَّارِقِ بِالسَّرِقَةِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ فَذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَّصِلَ الْيُسْرِ مِنْ يَوْمِ سَرَقَ إلَى يَوْمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ضَمِنَ قِيمَةَ السَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَوْ أُعْدِمَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ سَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي أُصُولِ الْفُتْيَا لِابْنِ الْحَارِثِ: وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّارِقَ وَالْمَقْطُوعَ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا يَوْمَ السَّرِقَةِ وَيَتَمَادَى ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ. اهـ (ابْنُ عَرَفَةَ) مُوجَبُ السَّرِقَةِ قَطْعُ السَّارِقِ، وَضَمَانُهُ إنْ لَمْ يُقْطَعْ لَازِمٌ لَهُ اتِّفَاقًا. قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَوْ سَرَقَ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُتْبَعْ بِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ وَيُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاؤُهُ، وَإِذَا كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ لَمْ يُتْبَعْ فِي عَدَمِهِ وَلَا يُتْبَعُ إلَّا فِي يُسْرٍ مُتَّصِلٍ مِنْ يَوْمِ سَرَقَ إلَى يَوْمِ يُقْطَعُ، وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعْ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا بَعْدَ عَدَمٍ تَقَدَّمَ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا.

وَالْحَدُّ لَا الْغُرْمُ عَلَى الْعَبْدِ مَتَى ... أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ شَرْعًا ثَبَتَا

يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمُ السَّرِقَةِ. (قَالَ فِي الرِّسَالَةِ) : وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ وَمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا إقْرَارَ لَهُ. اهـ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِغُرْمِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ وَسَكَّنَ رَاءَ السَّرِقَةِ لِلْوَزْنِ، وَانْظُرْ هَلْ يُعْرَبُ شَرْعًا مَنْصُوبًا عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ وَيَتَعَلَّقُ بِمُتَعَلَّقِ الْخَبَرِ أَيْ الْحَدُّ وَاجِبٌ عَلَى الْعَبْدِ بِالشَّرْعِ؟ وَثَبَتَ بَدَلٌ مِنْ أَقَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>