للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالٍ، أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْضُهُ، أَوْ كُلُّهُ عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ وَبِذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ بَعْضٍ أَوْ كُلٍّ وَبِالطَّرِيقِ الْعَمَلِيِّ الْمُوَصِّلِ إلَى ذَلِكَ، فَالْعِلْمُ جِنْسٌ وَقَوْلُنَا بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا هُوَ تَعْيِينُ الْوَارِثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ.

وَقَوْلُنَا: وَبِذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ هَذَا هُوَ تَعْيِينُ مِيرَاثِ كُلِّ وَارِثٍ وَقَوْلُنَا: مِنْ مَالٍ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ وَلَايَةَ النِّكَاحِ، وَالْقِيَامَ بِالدَّمِ، وَالْحَضَانَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ وَظِيفَةِ الْفَرَضِيِّ وَقَوْلُنَا: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ الْحَالَةِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُنَا: عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ احْتِرَازًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا أَوْ وَصِيَّةً فَإِنَّ هَذَا وَظِيفَةُ الْفَقِيهِ وَلَا كَلَامَ لِلْفَرْضِيِّ فِيهِ، وَدَخَلَ فِي هَذَا الْحَدِّ مَنْ يَرِثُ أَمْوَالَ الْمُرْتَدِّينَ، وَالزَّنَادِقَةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْفَرَضِيِّ. وَلَمْ نَحْتَجْ فِي الْحَدِّ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى الْحَجْبِ لِأَنَّ مَنْ حُجِبَ عَنْ الْجَمِيعِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِالْمِيرَاثِ وَسَوَاءٌ كَانَ حَجْبُهُ بِسَبَبٍ، أَوْ بِنَسَبٍ. وَتَسْمِيَةُ هَذَا الْفَنِّ بِعِلْمِ الْفَرَائِضِ: اصْطِلَاحِيَّةٌ، وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ اللُّغَةِ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ إذَا أُطْلِقَتْ تَدْخُلُ فِيهَا الْوَاجِبَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مُقَدَّرَةً. لَكِنْ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ خَصَّصَهَا بِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ، كَمَا خُصِّصَ لَفْظُ الْفِقْهِ بِعِلْمِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدُورُ الْفَتَاوَى، وَالْأَقْضِيَةُ عَلَيْهَا، أَوْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِدَوَرَانِ لَفْظِ الْفَرْضِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُرَّاضِ، كَمَا سُمِّيَ عِلْمُ الْعَرُوضِ بِعِلْمِ الْعَرُوضِ لِدَوَرَانِ لَفْظِ الْعَرُوضِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.

الْإِرْثُ يُسْتَوْجَبُ شَرْعًا وَوَجَبْ ... بِعِصْمَةٍ أَوْ بِوَلَاءٍ أَوْ نَسَبْ

جَمِيعُهَا أَرْكَانُهُ ثَلَاثَهْ ... مَالٌ وَمِقْدَارٌ وَذُو الْوَرَثَهْ

يَعْنِي أَنَّ الْإِرْثَ يُسْتَوْجَبُ وَيُسْتَحَقُّ بِالشَّرْعِ بِمَعْنَى أَنَّ الْإِرْثَ يَجِبُ لِلْوَارِثِ وَيَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْعِ وَبَنَى يُسْتَوْجَبُ لِلْمَجْهُولِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ لَهُ هُوَ الشَّرْعُ وَالْمُرَادُ بِالشَّرْعِ هُنَا: أُصُولُ الْأَحْكَامِ الَّتِي مِنْهَا تُتَلَقَّى وَهِيَ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَوَجَبْ بِعِصْمَةٍ إلَخْ إلَى أَنَّ أَسْبَابَ الْإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: الْعِصْمَةُ، أَيْ عِصْمَةُ النِّكَاحِ، وَالْوَلَاءُ، وَالنَّسَبُ وَهُوَ: الرَّحِمُ فَأَمَّا النِّكَاحُ فَالْمُرَادُ بِهِ: عَقْدُهُ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ كَنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ خَامِسَةٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَشْهُورُهَا أَنَّ فِيهِ الْإِرْثَ مَا لَمْ يُفْسَخْ إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ فَلَا إرْثِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ إرْثِهِ فَثُبُوتُ الْإِرْثِ فِيهِ تَتْمِيمٌ لِلْغَرَضِ الْفَاسِدِ مِنْ إدْخَالِ الْوَارِثِ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَيَعْنِي بِهِ النِّسْبَةَ الَّتِي يُحْدِثُهَا الْعِتْقُ بَيْنَ الْمُعْتَقِ، وَقَرَابَتِهِ، وَمَوَالِيهِ الْأَعْلَيْنَ، وَبَيْنَ الْمُعْتَقِ وَمَنْ لِلْمُعْتَقِ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ أَوْ وَلَاءٌ هَذَا هُوَ السَّبَبُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَلَاءِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمِيرَاثِ كَقَوْلِهِمْ: الْوَلَاءُ لِلْأَقْعَدِ.

وَقَوْلُهُمْ: الِابْنُ أَوْلَى بِالْوَلَاءِ مِنْ الْأَبِ وَدَلِيلُ إرَادَةِ الْإِرْثِ لَا النِّسْبَةِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لَا تَتَبَدَّلُ عَنْ حَالِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ بَعْدَ وُجُوبِهَا. وَالسَّبَبُ الثَّالِثُ: النَّسَبُ وَيُقَالُ فِيهِ الْقَرَابَةُ، وَالرَّحِمُ وَهِيَ: الْبُنُوَّةُ، وَالْأُمُومَةُ، وَالْجُدُودَةُ، وَالْأُخُوَّةُ، وَالْعُمُومَةُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِرْثُ بِذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ الْقَرَابَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ حَيْثُ يَصِحُّ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ مَحَلَّهُ وَقَدْ تَجْتَمِعُ الثَّلَاثَةُ فَيَكُونُ الرَّجُلُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ وَمَوْلَاهَا وَابْنَ عَمِّهَا وَقَدْ يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَوْلَاهَا، وَزَوْجَهَا أَوْ زَوْجَهَا، وَابْنَ عَمِّهَا وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَقَالَ التَّوَارُثُ يَكُونُ بِشَيْئَيْنِ نَسَبٌ وَسَبَبٌ فَالنَّسَبُ: الْبُنُوَّةُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>