للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَيْثُمَا يَكُونُ حَالُ الْبَيِّنَةِ ... فِي حَقِّ مَنْ يَحْكُمُ غَيْرَ بَيِّنَهْ

يُوَقَّفُ الْفَائِدُ لَا الْأُصُولُ ... بِقَدْرِ مَا يُسْتَكْمَلُ التَّعْدِيلُ

هَذَا هُوَ السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ التَّوْقِيفِ وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُدَّعِي قَوْمٌ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي عَدَالَتَهُمْ، وَلَا جُرْحَتَهُمْ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ أَصْلًا لَمْ يُوقَفْ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ فَائِدَتُهُ وَغَلَّتُهُ إلَى أَنْ يُعَدَّلُ الشُّهُودُ، وَكَذَا يُوقَفُ غَيْرُ الْأَصْلِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ:

بِقَدْرِ مَا يُسْتَكْمَلُ التَّعْدِيلُ

قَالَ (الشَّارِحُ) : يَعْنِي بِذَلِكَ الْقَدْرَ أَجَلًا مَوْكُولًا لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ مُقَدَّرًا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ قَدْرُ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ التَّعْدِيلِ، مُرَاعًى فِيهِ مِنْ الضِّيقِ وَالْفُسْحَةِ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ بُعْدِ الْبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهَا التَّعْدِيلُ وَقُرْبِهَا، وَخَطَرِ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقَارَتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَاحِقِ الَّتِي يُرَاعِيهَا الْحَاكِمُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ. اهـ (ابْنُ عَرَفَةَ) الْحَيْلُولَةُ بِإِقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ هُوَ نَقْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا قَبْلَ تَعْدِيلِهِمَا وَهُوَ قَوْلُهُمَا إنْ كَانَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي تَعْدِيلِهِمَا، وَخَافَ عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ الْفَسَادَ أَمَرَ أَمِينًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَوُضِعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَفِي حَيْلُولَتِهِ بِإِقَامَتِهِ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا خِلَافٌ. اهـ وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ هَذَا عَلَى أَوْجُهِ الْعَقْلَةِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي النَّاظِمِ فَقَوْلُهُ: الْحَيْلُولَةُ بِإِقَامَةِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَيْ: وَبَقِيَ الْإِعْذَارُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ فِي النَّظْمِ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا قَبْلَ تَعْدِيلِهِمَا إلَخْ هِيَ مَسْأَلَةُ النَّاظِمِ هُنَا، وَقَوْلُهُ: فِي الْحَيْلُولَةِ بِإِقَامَتِهِ شَاهِدًا عَدْلًا هِيَ مَسْأَلَةُ قَوْلِهِ:

وَشَاهِدٌ عَدْلٌ بِهِ الْأَصْلُ وُقِفْ

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَخَافَ عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ الْفَسَادَ إلَخْ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَيْتَيْنِ بَعْدُ إنْ - شَاءَ اللَّهُ - وَقَدْ اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ وَهِيَ التَّوْقِيفُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ رَجُلَانِ يُنْظَرُ فِي تَزْكِيَتِهِمَا.

وَكُلُّ شَيْءٍ يُسْرِعُ الْفَسَادُ لَهْ ... وُقِفَ لَا لَأَنْ يُرَى قَدْ دَخَلَهْ

وَالْحُكْمُ بَيْعُهُ وَتَوْقِيفُ الثَّمَنْ ... إنْ خِيفَ فِي التَّعْدِيلِ مِنْ طُولِ الزَّمَنْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَوْقِيفِ مَا يَفْسُدُ إذَا شَهِدَ بِهِ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ يَعْنِي: أَنَّ مَا اُحْتِيجَ إلَى تَوْقِيفِهِ لِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكَانَ مِمَّا يَفْسُدُ إنْ طَالَ كَاللَّحْمِ، وَالْفَوَاكِهِ الْخَضْرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ رُجِيَ حُصُولُ مَا لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهِ مِنْ إعْذَارٍ أَوْ، تَجْرِيحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ وُقِفَ وَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَفَسَادُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ بَيْعُهُ وَتَوْقِيفُ ثَمَنِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ التَّوْقِيفُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يُنْظَرُ فِي تَزْكِيَتِهِمَا؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَحَيْثُمَا يَكُونُ إلَخْ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْئِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَبَيْعُ مَا يَفْسُدُ، وَوَقْفُ ثَمَنِهِ مَعَهُمَا بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ: إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي ادَّعَى الْمُدَّعِي مِمَّا لَا يَبْقَى وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا كَانَ إنَّمَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ: عِنْدِي شَاهِدٌ آخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّلُ الْمُدَّعِيَ فِي إحْضَارِ شَاهِدِهِ مَا لَمْ يَخَفْ الْفَسَادَ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي اُدُّعِيَ، فَإِنْ أَحْضَرَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ لَا يَعْرِفُهُمَا الْقَاضِي بِعَدَالَةٍ وَخَافَ عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ الْفَسَادَ، أَمَرَ أَمِينًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَوَضَعَ الثَّمَنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ قَضَى بِالثَّمَنِ لِلْمُدَّعِي، (قَالَ عِيَاضٌ) قَوْلُهُ عِنْدِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ لَا أَحْلِفُ مَعَهُ أَيْ: لَا أَحْلِفُ أَلْبَتَّةَ وَلَوْ أَرَادَ لَا أَحْلِفُ مَعَهُ الْآنَ لِأَنِّي أَرْجُو شَاهِدًا آخَرَ فَإِنْ وَجَدْته، وَإِلَّا حَلَفَ مَعَ شَاهِدَيْ بَيْعٍ حِينَئِذٍ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ إنْ خُشِيَ فَسَادُهُ وَلَيْسَ هَذَا بِأَضْعَفَ مِنْ شَاهِدَيْنِ يُطْلَبُ تَعْدِيلُهُمَا فَقَدْ جَعَلَ لَهُ بَيْعَهُ هُنَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى شَكٍّ مِنْ تَعْدِيلِهِمَا وَهُوَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَطَلَ الْحَقُّ، وَشَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي الْأَوَّلِ ثَابِتٌ بِكُلِّ حَالٍ وَالْحَلِفُ مَعَهُ مُمْكِنٌ إنْ لَمْ يَجِدْ آخَرَ، وَيَثْبُتُ الْحَقُّ. اهـ.

عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ مَعَ بَعْضِ اخْتِصَارٍ (وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) : وَمَا يَفْسُدُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالُوا يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ شَاهِدَانِ، وَيُسْتَحْلَفُ وَيُخَلَّى إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>